مُوسَى وَكَانَ لم يدّخر عني شَيْئا مِمَّا كَانَ يعلم فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت دَعَاني فَقَالَ لي: يَا بني إِنَّك قد علمت أَنِّي لم أدخر عَنْك شَيْئا مِمَّا كنت أعلمهُ إِلَّا أَنِّي قد حبست عَنْك ورقتين فيهمَا: نَبِي يبْعَث قد أظل زَمَانه فَكرِهت أَن أخْبرك بذلك فَلَا آمن عَلَيْك أَن يخرج بعض هَؤُلَاءِ الْكَذَّابين فتطيعه وَقد جعلتهما فِي هَذِه الكوة الَّتِي ترى وطينت عَلَيْهِمَا فَلَا تعرضن لَهما وَلَا تنظرن فيهمَا حينك هَذَا فَإِن الله أَن يرد ذَلِك خيرا وَيخرج ذَلِك النَّبِي تتبعه ثمَّ أَنه مَاتَ فدفناه فَلم يكن شَيْء أحب إليّ من أَن أنظر فِي الورقتين ففتحت الكوة ثمَّ استخرجت الورقتين فَإِذا فيهمَا: مُحَمَّد رَسُول الله خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعده مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَيجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَة وَيَعْفُو ويصفح أمته الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ الله على كل حَال تذلل ألسنتهم بِالتَّكْبِيرِ وينصر نَبِيّهم على كل من ناوأه يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ وتراحمهم بَينهم تراحم بني الْأُم وهم أول من يدْخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة من الْأُمَم
فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خرج بِمَكَّة فأخرت حَتَّى استثبت ثمَّ بَلغنِي أَنه توفّي وَأَن خَلِيفَته قد قَامَ مقَامه وجاءتنا جُنُوده فَقلت: لَا أَدخل فِي هَذَا الدّين حَتَّى أنظر سيرتهم وأعمالهم فَلم أزل أدافع ذَلِك وأؤخره لأستثبت حَتَّى قدمت علينا عُمَّال عمر بن الْخطاب فَلَمَّا رَأَيْت وفاءهم بالعهد وَمَا صنع الله لَهُم على الْأَعْدَاء علمت أَنهم هم الَّذين كنت أنْتَظر فو الله إِنِّي لذات لَيْلَة فَوق سطحي فَإِذا رجل من الْمُسلمين يَتْلُو قَول الله {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} النِّسَاء الْآيَة ٤٧ الْآيَة
فَلَمَّا سَمِعت هَذِه الْآيَة خشيت أَن لَا أصبح حَتَّى يحول وَجْهي فِي قفاي فَمَا كَانَ شَيْء أحب إليّ من الصَّباح فَغَدَوْت على مُسلمين
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن يَهُودِيّا كَانَ لَهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَنَانِير فتقاضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: ماعندي مَا أُعْطِيك