للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَدينَة يُقَال لَهَا أَيْلَة فحرَّم الله عَلَيْهِم الْحيتَان يَوْم سبتهم فَكَانَت تأتيهم يَوْم سبتهم شرعا فِي سَاحل الْبَحْر فَإِذا مضى يَوْم السبت لم يقدروا عَلَيْهَا فَمَكَثُوا كَذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن طَائِفَة مِنْهُم أخذُوا الْحيتَان يَوْم سبتهم فنهتهم طَائِفَة فَلم يزدادوا إِلَّا غيّاً

فَقَالَت طَائِفَة من النهاة: تعلمُونَ أَن هَؤُلَاءِ قوم قد حق عَلَيْهِم الْعَذَاب {لم تعظون قوما الله مهلكهم} وَكَانُوا أَشد غَضبا من الطَّائِفَة الْأُخْرَى وكل قد كَانُوا ينهون فَلَمَّا وَقع عَلَيْهِم غضب الله نجت الطائفتان اللَّتَان قَالَتَا: لم تعظون وَالَّذين {قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم} وَأهْلك الله أهل مَعْصِيَته الَّذين أخذُوا الْحيتَان فجعلهم قردة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واسألهم عَن الْقرْيَة} الْآيَة

قَالَ: إِن الله إِنَّمَا افْترض على بني إِسْرَائِيل الْيَوْم الَّذِي افْترض عَلَيْكُم يَوْم الْجُمُعَة فخالفوا إِلَى يَوْم السبت فعظَّموه وَتركُوا مَا أمروا بِهِ فَلَمَّا ابتدعوا السبت ابتلوا فِيهِ فَحرمت عَلَيْهِم الْحيتَان وَهِي قَرْيَة يُقَال لَهَا مَدين أَيْلَة وَالطور فَكَانُوا إِذا كَانَ يَوْم السبت شرعت لَهُم الْحيتَان ينظرُونَ إِلَيْهَا فِي الْبَحْر فَإِذا انْقَضى السبت ذهبت فَلم تَرَ حَتَّى مثله من السبت الْمقبل فَإِذا جَاءَ السبت عَادَتْ شرعا ثمَّ إِن رجلا مِنْهُم أَخذ حوتاً فحزمه بخيط ثمَّ ضرب لَهُ وتداً فِي السَّاحِل وربطه وَتَركه فِي المَاء فَلَمَّا كَانَ الْغَد جَاءَ فَأَخذه فَأَكله سرا فَفَعَلُوا ذَلِك وهم ينظرُونَ وَلَا يتناهون إِلَّا بَقِيَّة مِنْهُم فنهوهم حَتَّى إِذا ظهر ذَلِك فِي الْأَسْوَاق عَلَانيَة قَالَت طَائِفَة للَّذين ينهونهم {لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا} قَالُوا {معذرة إِلَى ربكُم} فِي سخطنا أَعْمَالهم {ولعلهم يَتَّقُونَ} فَكَانُوا أَثلَاثًا

ثلثا نهى وَثلثا قَالُوا {لم تعظون} وَثلثا أَصْحَاب الْخَطِيئَة فَمَا نجا إِلَّا الَّذين نهوا وَهلك سَائِرهمْ فَأصْبح الَّذين نهوا ذَات غَدَاة فِي مجَالِسهمْ يتفقدون النَّاس لَا يرونهم وَقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عَلَيْهِم دُورهمْ فَجعلُوا يَقُولُونَ: إِن للنَّاس شَأْنًا فانظروا مَا شَأْنهمْ فَاطَّلَعُوا فِي دُورهمْ فَإِذا الْقَوْم قد مسخوا يعْرفُونَ الرجل بِعَيْنِه وَأَنه لقرد وَالْمَرْأَة بِعَينهَا وانها لقردة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عِكْرِمَة قَالَ: جِئْت ابْن عَبَّاس يَوْمًا وَهُوَ يبكي وَإِذا الْمُصحف فِي حجره فَقلت: مَا يبكيك يَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الورقات

وَإِذا فِي سُورَة الْأَعْرَاف قَالَ: تعرف أَيْلَة قلت: نعم

قَالَ: فَإِنَّهُ كَانَ بهَا حَيّ من يهود سيقت الْحيتَان إِلَيْهِم يَوْم السبت

<<  <  ج: ص:  >  >>