يَوْم السبت شَيْء من السّمك فِي الْقرْيَة فَقَالُوا: نَأْخُذهُ يَوْم السبت فنأكله يَوْم الْأَحَد فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت الآخر ظهر أَكثر من ذَلِك فَلَمَّا كَانَ السبت الآخر ظهر السّمك فِي الْقرْيَة فَقَامَ إِلَيْهِم قوم مِنْهُم فوعظوهم فَقَالُوا: اتَّقوا الله
فَقَامَ آخَرُونَ فَقَالُوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ} فَلَمَّا كَانَ سبت من تِلْكَ الأسبات فشى السّمك فِي الْقرْيَة فَقَامَ الَّذين نهوا عَن السوء فَقَالُوا: لَا نبيت مَعكُمْ اللَّيْلَة فِي هَذِه الْقرْيَة
فَقيل لَهُم: لَو أَصْبَحْتُم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم
قَالُوا: لَا نبيت مَعكُمْ اللَّيْلَة فِي هَذِه الْقرْيَة فَإِن أَصْبَحْنَا غدونا فاخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بَين ظهرانيكم وَكَانَ الْقَوْم شَاتين فَلَمَّا أَمْسوا أغلقوا أَبْوَابهم فَلَمَّا أَصْبحُوا لم يسمع الْقَوْم لَهُم صَوتا وَلم يرَوا سرجاً خرج من الْقرْيَة
قَالُوا: قد أصَاب أهل الْقرْيَة شَرّ
فبعثوا رجلا مِنْهُم ينظر إِلَيْهِم فَلَمَّا أَتَى الْقرْيَة إِذا الْأَبْوَاب مغلقة عَلَيْهِم فَاطلع فِي دَار فَإِذا هم قرود كلهم الْمَرْأَة أُنْثَى وَالرجل ذكر ثمَّ اطلع فِي دَار أُخْرَى فَإِذا هم كَذَلِك الصَّغِير صَغِير وَالْكَبِير كَبِير وَرجع إِلَى الْقَوْم فَقَالَ: يَا قوم نزل بِأَهْل الْقرْيَة مَا كُنْتُم تحذرون أَصْبحُوا قردة كلهم لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يفتحوا الْأَبْوَاب فَدَخَلُوا عَلَيْهِم فَإِذا هم قردة كلهم فَجعل الرجل يومىء إِلَى القرد مِنْهُم أَنْت فلَان فيومىء بِرَأْسِهِ: نعم
وهم يَبْكُونَ فَقَالُوا: أبعدكم الله قد حذرناكم هَذَا ففتحوا لَهُم الْأَبْوَاب فَخَرجُوا فَلَحقُوا بالبرية
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نجا الناهون وَهلك الفاعلون وَلَا أَدْرِي مَا صنع بالساكتين
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله لَئِن أكون علمت أَن الْقَوْم الَّذين قَالُوا {لم تعظون قوما} نَجوا مَعَ الَّذين نهوا عَن السوء أحب إِلَى مَا عدل بِهِ
وَفِي لفظ: من حمر النعم
وَلَكِنِّي أَخَاف أَن تكون الْعقُوبَة نزلت بهم جَمِيعًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا أَدْرِي انجا الَّذين قَالُوا لم تعظون قوما أم لَا قَالَ: فَمَا زلت أبصره حَتَّى عرف أَنهم قد نَجوا فكساني حلَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: مسخوا حِجَارَة الَّذين قَالُوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم}