أَن يهود كَانُوا يستفتحون على الْأَوْس والخزرج برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل مبعثه فَلَمَّا بَعثه الله من الْعَرَب كفرُوا بِهِ وجحدوا مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ فَقَالَ لَهُم معَاذ ابْن جبل وَبشر بن الْبَراء ودادو بن سَلمَة: يَا معشر يهود اتَّقوا الله وَأَسْلمُوا فقد كُنْتُم تستفتحون علينا بِمُحَمد وَنحن أهل شرك وتخبرونا بِأَنَّهُ مَبْعُوث وتصفونه بِصفتِهِ
فَقَالَ سَلام بن مشْكم أحد بني النَّضِير: مَا جَاءَنَا بِشَيْء نعرفه وَمَا هُوَ بِالَّذِي كُنَّا نذْكر لكم فَأنْزل الله {وَلما جَاءَهُم كتاب من عِنْد الله} الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن سَلمَة بن سَلامَة وقش وَكَانَ من أهل بدر قَالَ: كَانَ لنا جَار يَهُودِيّ فِي بني عبد الْأَشْهَل فَخرج علينا يَوْمًا من بَيته قبل مبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَسِير حَتَّى وقف على مجْلِس بني الْأَشْهَل قَالَ سَلمَة: وَأَنا يَوْمئِذٍ أحدث من فِيهِ سنا عليّ بردة مُضْطَجعا فِيهَا بِفنَاء أَهلِي فَذكر الْبَعْث وَالْقِيَامَة والحساب وَالْمِيزَان وَالْجنَّة وَالنَّار قَالَ: ذَلِك لأهل شرك أَصْحَاب أوثان لَا يرَوْنَ أَن بعثاً كَائِن بعد الْمَوْت
فَقَالُوا لَهُ: وَيحك يَا فلَان
ترى هَذَا كَائِنا أَن النَّاس يبعثون بعد مَوْتهمْ إِلَى دَار فِيهَا جنَّة ونار يجزنون فِيهَا بأعمالهم فَقَالَ: نعم وَالَّذِي يحلف بِهِ يودّ أَن لَهُ بحظه من تِلْكَ النَّار أعظم تنور فِي الدُّنْيَا يحمونه ثمَّ يدخلونه إِيَّاه فيطيونه عَلَيْهِ وَأَن ينجو من تِلْكَ النَّار غَدا
فَقَالُوا: وَمَتى نرَاهُ قَالَ: فَنظر إِلَيّ وَأَنا من أحدثهم سنا أَن يستنفذ هَذَا الْغُلَام عمره يُدْرِكهُ قَالَ سَلمَة: فوَاللَّه مَا ذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى بعث الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَين أظهرنَا فَآمَنا بِهِ وَكفر بِهِ بغياً وحسداً فَقُلْنَا وَيلك يَا فلَان أَلَسْت بِالَّذِي قلت لنا قَالَ: بلَى وَلَيْسَ بِهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} يَقُول يستنصرون بِخُرُوج مُحَمَّد على مُشْركي الْعَرَب يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا ورأوه من غَيرهم كفرُوا بِهِ وحسدوه