قَالَ: كَانُوا يتوارثون بَينهم إِذا توفّي الْمُؤمن المُهَاجر بِالْولَايَةِ فِي الدّين وَكَانَ الَّذِي آمن وَلم يُهَاجر لَا يَرث من أجل أَنه لم يُهَاجر وَلم ينصر فبؤأ الله الْمُؤمنِينَ الْمُهَاجِرين من ميراثهم وَهِي الْولَايَة الَّتِي قَالَ الله {مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا وَإِن استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} وَكَانَ حَقًا على الْمُؤمنِينَ الَّذين آووا ونصروا إِذا استنصروهم فِي الدّين أَن ينصروهم إِن قوتلوا إِلَّا أَن يستنصروا على قوم بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيثَاق وَلَا نصر لَهُم عَلَيْهِم إِلَّا على الْعَدو الَّذِي لَا مِيثَاق لَهُم ثمَّ أنزل الله تَعَالَى بعد ذَلِك: أَن ألحق كل ذِي رحم برحمه من الْمُؤمنِينَ الَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا فَجعل لكل إِنْسَان من الْمُؤمنِينَ نَصِيبا مَفْرُوضًا لقَوْله {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله إِن الله بِكُل شَيْء عليم} الْأَنْفَال الْآيَة ٧٥
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى بَين الْمُسلمين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فآخى بَين حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَبَين زيد بن حَارِثَة وَبَين عمر بن الْخطاب ومعاذ بن عفراء وَبَين الزبير بن العوّام وَعبد الله بن مَسْعُود وَبَين أبي بكر الصّديق وَطَلْحَة بن عبيد الله وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن الرّبيع
وَقَالَ لسَائِر أَصْحَابه: تآخوا وَهَذَا أخي - يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فَأَقَامَ الْمُسلمُونَ على ذَلِك حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال وَكَانَ مِمَّا شدد الله بِهِ عقد نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول الله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا} إِلَى قَوْله {لَهُم مغْفرَة ورزق كريم} فأحكم الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَات العقد الَّذِي عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يتوارث الَّذين تآخوا دون من كَانَ مُقيما بِمَكَّة من ذَوي الْأَرْحَام والقرابات فَمَكثَ النَّاس على ذَلِك العقد مَا شَاءَ الله ثمَّ أنزل الله الْآيَة الْأُخْرَى فنسخت مَا كَانَ قبلهَا فَقَالَ {وَالَّذين آمنُوا من بعد وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم وأولو الْأَرْحَام} والقرابات وَرجع كل رجل إِلَى نسبه ورحمه وانقطعت تِلْكَ الوراثة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} يَعْنِي فِي الْمِيرَاث جعل الله الْمِيرَاث للمهاجرين