اخْتصَّ من ذَلِك أَرْبَعَة أشهر فجعلهن حرم وَعظم حرماتهن وَجعل الذَّنب فِيهِنَّ أعظم وَالْعَمَل الصَّالح وَالْأَجْر أعظم {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} قَالَ: فِي كُلهنَّ {وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة} يَقُول: جَمِيعًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} قَالَ: إِن الظُّلم فِي الشَّهْر الْحَرَام أعظم خَطِيئَة ووزراً من الظُّلم فِيمَا سواهُ وَإِن كَانَ الظُّلم على كل حَال عَظِيما وَلَكِن الله يعظم من أمره مَا شَاءَ وَقَالَ: إِن الله اصْطفى صفايا من خلقه اصْطفى من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس رسلًا وَاصْطفى من الْكَلَام ذكره وَاصْطفى من الأَرْض الْمَسَاجِد وَاصْطفى من الشُّهُور رَمَضَان وَاصْطفى من الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَاصْطفى من اللَّيَالِي لية الْقدر فَعَظمُوا مَا عظم الله فَإِنَّمَا تعظم الْأُمُور لما عظمها الله تَعَالَى بِهِ عِنْد أهل الْفَهم وَالْعقل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن كَعْب قَالَ: اخْتَار الله الْبلدَانِ فَأحب الْبلدَانِ إِلَى الله الْبَلَد الْحَرَام وَاخْتَارَ الله الزَّمَان فاحب الزَّمَان إِلَى الله الْأَشْهر الْحرم واحب الْأَشْهر إِلَى الله ذُو الْحجَّة وَأحب ذُو الْحجَّة إِلَى الله الْعشْر الأول مِنْهُ وَاخْتَارَ الله الْأَيَّام فَأحب الْأَيَّام إِلَى الله يَوْم الْجُمُعَة وَأحب اللَّيَالِي إِلَى الله لَيْلَة الْقدر وَاخْتَارَ الله سَاعَات وَاللَّيْل وَالنَّهَار فَأحب السَّاعَات إِلَى الله سَاعَات الصَّلَوَات المكتوبات وَاخْتَارَ الله الْكَلَام فَأحب الْكَلَام إِلَى الله لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله