قَالَ: عمد أنَاس من أهل الضَّلَالَة فزادوا صفر فِي أشهر الْحرم وَكَانَ يقوم قَائِلهمْ فِي الْمَوْسِم فَيَقُول: إِن آلِهَتكُم قد حرمت صفر فيحرمونه ذَلِك الْعَام وَكَانَ يُقَال لَهما الصفران وَكَانَ أول من نسأ النسىء بَنو مَالك من كنَانَة وَكَانُوا ثَلَاثَة أَبُو ثُمَامَة صَفْوَان بن أُميَّة أحد بني تَمِيم بن الْحَرْث ثمَّ أحد بني كنَانَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر} قَالَ: فرض الله الْحَج فِي ذِي الْحجَّة وَكَانَ الْمُشْركُونَ يسمون الْأَشْهر ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفر وربيع وربيع وجمادى وجمادى وَرَجَب وَشَعْبَان ورمضان وشوال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة ثمَّ يحجون فِيهِ ثمَّ يسكتون عَن الْمحرم فَلَا يذكرُونَهُ ثمَّ يعودون فيسمون صفر صفر ثمَّ يسمون رَجَب جُمَادَى الآخر ثمَّ يسمون شعْبَان رَمَضَان ورمضان شَوَّال ويسمون ذَا الْقعدَة شَوَّال ثمَّ يسمون ذَا الْحجَّة ذَا الْقعدَة ثمَّ يسمون الْمحرم ذَا الْحجَّة ثمَّ يحجون فِيهِ واسْمه عِنْدهم ذُو الْحجَّة ثمَّ عَادوا مثل هَذِه الْقِصَّة فَكَانُوا يحجون فِي كل شهر عَاما حَتَّى وَافق حجَّة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ الْآخِرَة من الْعَام فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّته الَّتِي حج فِيهَا فَوَافَقَ ذُو الْحجَّة فَذَلِك حِين يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطبَته إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رجل من بني كنَانَة يُقَال لَهُ جُنَادَة بن عَوْف يكنى أَبَا أُمَامَة ينسئ الشُّهُور وَكَانَت الْعَرَب يشْتَد عَلَيْهِم أَن يمكثوا ثَلَاثَة أشهر لَا يُغيرُوا بَعضهم على بعض فَإِذا أَرَادَ أَن يُغير على أحد قَامَ يَوْمًا بمنى فَخَطب فَقَالَ: إِنِّي قد أحللت الْمحرم وَحرمت صفر مَكَانَهُ فَيُقَاتل النَّاس فِي الْمحرم فَإِذا كَانَ صفر عَمدُوا وَوَضَعُوا الأسنَّة ثمَّ يقوم فِي قَابل فَيَقُول: إِنِّي قد أحللت صفر وَحرمت الْمحرم فيواطئوا أَرْبَعَة أشهر فيحلوا الْمحرم