الْمَلَائِكَة أَعمال بني آدم وَمَا يأْتونَ من الذُّنُوب فَقيل: لَو كُنْتُم مكانهم لأتيتم مثل الَّذِي يأْتونَ فَاخْتَارُوا مِنْكُم اثْنَيْنِ فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فَقيل لَهما: إِنِّي أرسل إِلَى بني آدم رسلًا فَلَيْسَ بيني وبينكما رَسُول أنزلكما لَا تُشركا بِي شَيْئا وَلَا تزنيا وَلَا تشربا الْخمر قَالَ كَعْب: فوَاللَّه مَا أمسيا من يومهما الَّذِي أهبطا فِيهِ حَتَّى استكملا جَمِيع مَا نهيا عَنهُ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر
أَنه كَانَ يَقُول: أطلعت الْحَمْرَاء بعد فَإِذا رَآهَا قَالَ: لَا مرْحَبًا
ثمَّ قَالَ: إِن ملكَيْنِ من الْمَلَائِكَة هاروت وماروت سَأَلَا الله أَن يهبطا إِلَى الأَرْض فأهبطا إِلَى الأَرْض فَكَانَا يقضيان بَين النَّاس فَإِذا أمسيا تكلما بِكَلِمَات فعرجا بهَا إِلَى السَّمَاء فقيض الله لَهما امْرَأَة من أحسن النَّاس وألقيت عَلَيْهِمَا الشَّهْوَة فَجعلَا يؤخرانها وألقيت فِي نفسيهما فَلم يَزَالَا يفْعَلَانِ حَتَّى وعدتهما ميعاداً فأتتهما لِلْمِيعَادِ فَقَالَت: كلماني الْكَلِمَة الَّتِي تعرجان بهَا فعلماها الْكَلِمَة فتكلمت بهَا فعرجت إِلَى السَّمَاء فمسخت فَجعلت كَمَا ترَوْنَ فَلَمَّا أمسيا تكلما بِالْكَلِمَةِ فَلم يعرجا فَبعث إِلَيْهِمَا إِن شئتما فعذاب الْآخِرَة وَإِن شئتما فعذاب الدُّنْيَا إِلَى أَن تقوم السَّاعَة
فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: بل نَخْتَار عَذَاب الدُّنْيَا ألف ألف ضعف فهما يعذبان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كنت نازلا عِنْد عبد الله بن عمر فِي سفر فَلَمَّا كَانَ ذَات لَيْلَة قَالَ لغلامه: انْظُر طلعت الْحَمْرَاء لَا مرْحَبًا بهَا وَلَا أَهلا وَلَا حياها الله هِيَ صَاحِبَة الْملكَيْنِ قَالَت الْمَلَائِكَة: كَيفَ تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدَّم الْحَرَام وينتهكون محارمك ويفسدون فِي الأَرْض قَالَ: إِنِّي قد ابتليتهم فَلَعَلَّ أَن أبتليكم بِمثل الَّذِي ابتليتهم بِهِ فَعلْتُمْ كَالَّذي يَفْعَلُونَ
قَالُوا: لَا
قَالَ: فَاخْتَارُوا من خياركم اثْنَيْنِ
فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فَقَالَ لَهما: إِنِّي مهبطكما إِلَى الأَرْض ومعاهد إلَيْكُمَا أَن لَا تشركا وَلَا تزنيا وَلَا تخونا
فأهبطا إِلَى الأَرْض وَألقى عَلَيْهِمَا الشبق وأهبطت لَهما الزهرة فِي أحسن صُورَة امْرَأَة فتعرضت لَهما فأراداها عَن نَفسهَا فَقَالَت: إِنِّي على دين لَا يصلح لأحد أَن يأتيني إِلَّا من كَانَ على مثله
قَالَا: وَمَا دينك قَالَت: الْمَجُوسِيَّة
قَالَا: أنشرك هَذَا شَيْء لَا نقر بِهِ
فَمَكثت عَنْهُمَا مَا شَاءَ الله ثمَّ تعرضت لَهما فأراداها عَن نَفسهَا فَقَالَت: مَا شئتما غير أَن لي زوجا وَأَنا أكره أَن يطلع على هَذَا مني فافتضح وَإِن أقررتما لي بديني