وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: لما نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذِي أَوَان خرج عَامَّة الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا تخلفوا عَنهُ يتلقونه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه لَا تكلمن رجلا تخلف عَنَّا وَلَا تجالسوه حَتَّى آذن لكم فَلم يكلموهم فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أَتَاهُ الَّذين تخلفوا يسلمُونَ عَلَيْهِ فَأَعْرض عَنْهُم وَأعْرض الْمُؤْمِنُونَ عَنْهُم حَتَّى أَن الرجل ليعرض عَنهُ أَخُوهُ وَأَبوهُ وَعَمه فَجعلُوا يأْتونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويعتذرون بالجهد والأسقام فَرَحِمهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبايعهم واستغفر لَهُم وَكَانَ مِمَّن تخلف عَن غير شكّ وَلَا نفاق ثَلَاثَة نفر الَّذين ذكر الله تَعَالَى فِي سُورَة التَّوْبَة
كَعْب بن مَالك السّلمِيّ وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي ومرارة بن ربيعَة العامري
وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} قَالَ: كَعْب بن مَالك ومرارة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك أَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك وَكَانَ قَائِد كَعْب من بنيه حِين عمي قَالَ: سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدث حَدِيثه حِين تخلف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك قَالَ كَعْب: لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة غَزَاهَا قطّ إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك غير أَنِّي تخلفت فِي غَزْوَة بدر وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنْهَا إِنَّمَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد عير قُرَيْش حَتَّى جمع الله بَينهم وَبَين عدوهم على غير ميعاد وَلَقَد شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْعقبَة حِين تواثقنا على الْإِسْلَام وَمَا أحب أَن لي بهَا مشْهد بدر وَإِن كَانَت بدر أذكر فِي النَّاس مِنْهَا وَأشهر
وَكَانَ من خبري حِين تخلفت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك أَنِّي لم أكن قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنهُ فِي تِلْكَ الْغُزَاة وَالله مَا جمعت قبلهَا راحلتين قطّ حَتَّى جمعتهما فِي تِلْكَ الْغُزَاة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلما يُرِيد غزَاة إِلَّا ورى بغَيْرهَا حَتَّى كَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة فَغَزَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حر شَدِيد واستقبل سفرا بَعيدا وَمَفَازًا واستقبل عدوا كثيرا فجلا للْمُسلمين أَمرهم لِيَتَأَهَّبُوا أهبة عدوهم فَأخْبرهُم وَجهه الَّذِي يُرِيد والمسلمون مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثير لَا يجمعهُمْ كتاب حَافظ يُرِيد الدِّيوَان
قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: فَقل رجل يُرِيد أَن يتغيب إِلَى ظن أَن ذَلِك سيخفى مَا لم ينزل فِيهِ وَحي من الله عز وَجل وغزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْغُزَاة حِين