النَّاس بِهِ
وَمثل الْبَاطِل مثل الزّبد الَّذِي لَا ينفع النَّاس
وَمثل الْحق مثل الْحلِيّ الَّذِي يَجْعَل فِي النَّار فَمَا خلص مِنْهُ انْتفع بِهِ أَهله
وَمَا خبث مِنْهُ فَهُوَ مثل الْبَاطِل علم أَن لَا ينفع الزّبد وخبث الْحلِيّ أَهله فَكَذَلِك الْبَاطِل لَا ينفع أَهله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: الصَّغِير بصغره وَالْكَبِير بكبره {فَاحْتمل السَّيْل زبداً رابياً} قَالَ: عَالِيا {وَمِمَّا يوقدون} إِلَى قَوْله {فَيذْهب جفَاء} والجفاء مَا يتَعَلَّق بِالشَّجَرِ {وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} هَذِه ثَلَاثَة أَمْثَال ضربهَا الله تَعَالَى فِي مثل وَاحِد يَقُول: كَمَا اضمحل هَذَا الزّبد فَصَارَ جفَاء لَا ينْتَفع بِهِ وَلَا يُرْجَى بركته كَذَلِك يضمحل الْبَاطِل عَن أَهله
وكما مكث هَذَا المَاء فِي الأَرْض فأمرعت وربت بركته وأخرجت نباتها كَذَلِك يبْقى الْحق لأَهله
وَقَوله {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار ابْتِغَاء حلية} كَمَا يبْقى خَالص هَذَا الذَّهَب وَالْفِضَّة حِين أَدخل النَّار كَذَلِك فَيذْهب خبثه كَذَلِك يبْقى الْحق لأَهله
وكما اضمحل خبث هَذَا الذَّهَب وَالْفِضَّة حِين أَدخل فِي النَّار كَذَلِك يضمحل الْبَاطِل عَن أَهله
وَقَوله {أَو مَتَاع زبد مثله} يَقُول: هَذَا الْحَدِيد وَهَذَا الصفر حِين دخل النَّار وَذَهَبت بخبثه كَذَلِك يبْقى الْحق لأَهله كَمَا بَقِي خالصهما
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: الْكَبِير بِقَدرِهِ وَالصَّغِير بِقَدرِهِ {زبداً رابياً} قَالَ: رَبًّا فَوق المَاء الزّبد {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار} قَالَ: هُوَ الذَّهَب إِذا ادخل النَّار بَقِي صَفوه وَذهب مَا كَانَ فِيهِ من كدر
وَهَذَا مثل ضربه الله للحق وَالْبَاطِل {فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء} يتَعَلَّق بِالشَّجَرِ وَلَا يكون شَيْئا هَذَا مثل الْبَاطِل {وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} هَذَا يخرج النَّبَات وَهَذَا مثل الْحق {أَو مَتَاع زبد مثله} قَالَ: الْمَتَاع الصفر وَالْحَدِيد
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: بملئها مَا أطاقت {فَاحْتمل السَّيْل زبداً رابياً} قَالَ: انْقَضى الْكَلَام ثمَّ اسْتقْبل فَقَالَ {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار ابْتِغَاء حلية أَو مَتَاع زبد مثله} قَالَ: الْمَتَاع الْحَدِيد والنحاس والرصاص وأشباهه {زبد مثله} قَالَ: خبث ذَلِك