وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى جنبه فَقَالَ أَبُو بكر: لقد أَقبلت هَذِه وَأَنا أَخَاف أَن تراك فَقَالَ: إِنَّهَا لن تراني وَقَرَأَ قُرْآنًا اعْتصمَ بِهِ
كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا} فَجَاءَت حَتَّى قَامَت على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: فَلم تَرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا أَبَا بكر بَلغنِي أَن صَاحبك هجاني فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَا وَرب هَذَا الْبَيْت مَا هجاك فَانْصَرَفت وَهِي تَقول: قد علمت قُرَيْش أَنِّي بنت سَيِّدهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من وَجه آخر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن أم جميل دخلت على أبي بكر وَعِنْده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا ابْن أبي قُحَافَة مَا شَأْن صَاحبك ينشد فِي الشّعْر فَقَالَ: وَالله مَا صَاحِبي بشاعر وَمَا يدْرِي مَا الشّعْر
فَقَالَت: أَلَيْسَ قد قَالَ: (فِي جيدها حَبل من مسد)(المسد آيَة ٥) فَمَا يدريه مَا فِي جيدي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قل لَهَا: هَل تَرين عِنْدِي أحدا فَإِنَّهَا لن تراني جعل بيني وَبَينهَا حجاب فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَقَالَت: أتهزأ بِي وَالله مَا أرى عنْدك أحدا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد الْمقَام وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ظلّ الْكَعْبَة بَين يَدي إِذْ جَاءَت أم جميل بنت حَرْب بن أُميَّة زَوْجَة أبي لَهب وَمَعَهَا فهران فَقَالَت: أَيْن الَّذِي هجاني وهجا زَوجي وَالله لَئِن رَأَيْته لارضن أنثييه بِهَذَيْنِ الفهرين
وَذَلِكَ عِنْد نزُول (تبت يدا أبي لَهب) قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَقلت لَهُ: يَا أم جميل مَا هجاك وَلَا هجا زَوجك