للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْبَحْر

حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة وجدا معابر صغَارًا تحمل أهل السَّاحِل إِلَى أهل هَذَا السَّاحِل الآخر فعرفوه فَقَالُوا: عبد الله الصَّالح لَا نحمله بِأَجْر فخرقها ووتد فِيهَا وتداً

قَالَ مُوسَى {أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} كَانَت الأولى نِسْيَانا والوسطة وَالثَّالِثَة عمدا {لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غُلَاما فَقتله} وَوجد غلماناً يَلْعَبُونَ فَأخذ غُلَاما كَافِرًا ظريفاً فأضجعه ثمَّ ذبحه بالسكين فَقَالَ: {أقتلت نفسا زكية} لم تعْمل الْحِنْث

قَالَ ابْن عَبَّاس قَرَأَهَا: {زكية} زاكية مسلمة كَقَوْلِك: غُلَاما زكياً

{فَانْطَلقَا} {فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض فأقامه} قَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا وَرفع يَده فاستقام {قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} قَالَ: أجر تَأْكُله {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك} قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَكَانَ أمامهم ملك يَزْعمُونَ مدد بن ندد والغلام الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ جيسور {ملك يَأْخُذ كل سفينة} صَالِحَة {غصبا} فَأَرَدْت إِذا هِيَ مرت بِهِ أَن يَدعهَا لعيبها فَإِذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بهَا وَمِنْهُم من يَقُول سدوها بالقار (فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين) وَكَانَ كَافِرًا {فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا} أَي يحملهما حبه على أَن يتابعاه على دينه {فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما} هما بِهِ أرْحم مِنْهُمَا بِالْأولِ الَّذِي قَتله خضر

وَزعم غير سعيد أَنَّهُمَا أُبْدِلا جَارِيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس وَكُنَّا عِنْده فَقَالَ الْقَوْم: إِن نَوْفًا الشَّامي يزْعم أَن الَّذِي ذهب يطْلب الْعلم لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل فَكَانَ ابْن عَبَّاس مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا فَقَالَ: كذب نوف حَدثنِي أبي بن كَعْب أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى لَوْلَا أَنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صَاحبه فَقَالَ لَهُ: إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي لرَأى من صَاحبه عجبا

قَالَ: وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر نَبيا من الْأَنْبِيَاء بَدَأَ بِنَفسِهِ فَقَالَ: رَحْمَة الله علينا وعَلى صَالح وَرَحْمَة الله علينا وعَلى أخي عَاد ثمَّ قَالَ: إِن مُوسَى بَينا هُوَ يخْطب قومه ذَات يَوْم إِذْ قَالَ لَهُم: مَا فِي الأَرْض أحد أعلم مني

فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن فِي الأَرْض من هُوَ أعلم مِنْك وَآيَة ذَلِك أَن تزوّد حوتاً مالحاً فَإِذا فقدته فَهُوَ حيت تفقده

فتزوّد حوتاً مالحاً فَانْطَلق هُوَ وفتاه حَتَّى إِذا بلغا الْمَكَان الَّذِي أمروا بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>