حَتَّى أتعلم مِنْهُ
قَالَ: يدلك عَلَيْهِ بعض زادك
فَقَالَ لفتاه يُوشَع {لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين أَو أمضي حقباً} قَالَ: فَكَانَ فِيمَا تزوداه حوت مملوح وَكَانَا يصيبان مِنْهُ عِنْد الْعشَاء والغداء فَلَمَّا انتهيا إِلَى الصَّخْرَة على سَاحل الْبَحْر وضع فتاه المكتل على سَاحل الْبَحْر فَأصَاب الْحُوت ندى المَاء فَتحَرك فِي المكتل فَقلب المكتل وأسرب فِي الْبَحْر فَلَمَّا جَاوز أحضر الْغَدَاء فَقَالَ: {آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} فَذكر الْفَتى {قَالَ أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا} فَذكر مُوسَى مَا كَانَ عهد إِلَيْهِ إِنَّه يدلك عَلَيْهِ بعض زادك
{قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} أَي هَذِه حاجتنا {فارتدا على آثارهما قصصاً} يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي فعل فِيهَا الْحُوت مَا فعل فأبصر مُوسَى أثر الْحُوت فأخذا أثر الْحُوت يمشيان على المَاء حَتَّى انتهيا إِلَى جَزِيرَة من جزائر الْعَرَب {فوجدا عبدا من عبادنَا آتيناه رَحْمَة من عندنَا وعلمناه من لدنا علما قَالَ لَهُ مُوسَى هَل أتبعك على أَن تعلمن مِمَّا عُلِّمت رشدا} فَأقر لَهُ بِالْعلمِ {قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} يَقُول: حَتَّى أكون أَنا أحدث ذَلِك لَك {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة خرقها قَالَ أخرقتها لتغرق أهلَهَا} إِلَى قَوْله: {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غُلَاما} على سَاحل الْبَحْر فِي غلْمَان يَلْعَبُونَ فعهد إِلَى أجودهم وأصبحهم {فَقتله قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا}
قَالَ ابْن عَبَّاس: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فاستحى نَبِي الله مُوسَى عِنْد ذَلِك فَقَالَ: {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أهلَهَا} إِلَى قَوْله: {سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر فَأَرَدْت أَن أعيبها وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا} قَالَ: وَهِي فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا فَأَرَدْت أَن أعيبها حَتَّى لَا يَأْخُذهَا الْملك فَإِذا جاوزوا الْملك رقعوها فانتفعوا بهَا وَبقيت لَهُم {وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين} إِلَى قَوْله: {ذَلِك تَأْوِيل مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا} قَالَ: فجَاء طَائِر هَذِه الْحمرَة فَبلغ فَجعل بغمس منقاره فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute