فَقَالَ لأَصْحَابه: يَا أَصْحَابِي أدلوني
فدلوه فِي الْبَحْر أَيَّامًا وليالي ثمَّ صعد فَقَالُوا لَهُ: يَا خضر مَا رَأَيْت فَلَقَد أكرمك الله وَحفظ لَك نَفسك فِي لجة هَذَا الْبَحْر
فَقَالَ: استقبلني ملك من الْمَلَائِكَة فَقَالَ لي: أَيهَا الْآدَمِيّ الخطاء إِلَى أَيْن وَمن أَيْن فَقلت: إِنِّي أردْت أَن أنظر عمق هَذَا الْبَحْر
فَقَالَ لي: كَيفَ وَقد أَهْوى رجل من زمَان دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لم يبلغ ثلث قَعْره حَتَّى السَّاعَة وَذَلِكَ مُنْذُ ثلثمِائة سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بَقِيَّة قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد قَالَ: سَمِعت أَن آخر كلمة أوصى بهَا الْخضر مُوسَى حِين فَارقه: إياك أَن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُسَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه: أَلا أحدثكُم عَن الْخضر قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يمشي فِي سوق بني إِسْرَائِيل أبصره رجل مكَاتب فَقَالَ: تصدق عليّ بَارك الله فِيك
فَقَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا شَاءَ الله من أَمر يكون مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه
فَقَالَ الْمِسْكِين: أَسأَلك بِوَجْه الله لما تَصَدَّقت عَليّ فَإِنِّي نظرت السماحة فِي وَجهك وَوجدت الْبركَة عنْدك
فَقَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه إِلَّا أَن تأخذني فتبيعني
فَقَالَ الْمِسْكِين: وَهل يَسْتَقِيم هَذَا قَالَ: نعم
الْحق أَقُول لقد سَأَلتنِي بِأَمْر عَظِيم: أما أَنِّي لَا أخيبك بِوَجْه رَبِّي تَعَالَى
فقدّمه إِلَى السُّوق فَبَاعَهُ بأربعمائة دِرْهَم فَمَكثَ عِنْد المُشْتَرِي زَمَانا لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي شَيْء
فَقَالَ لَهُ: إِنَّك إِنَّمَا ابتعتني التمَاس خير عِنْدِي فأوصني أعمل بِعَمَل
قَالَ: أكره أَن أشق عَلَيْك إِنَّك شيخ كَبِير ضَعِيف
قَالَ: لَيْسَ يشق عليّ قَالَ: فَقُمْ فانقل هَذِه الْحِجَارَة
وَكَانَ لَا ينقلها دون سِتَّة نفر فِي يَوْم فَخرج الرجل لبَعض حَاجته ثمَّ انْصَرف وَقد نقل الْحِجَارَة فِي سَاعَة فَقَالَ: أَحْسَنت وأجملت وأطقت مَا لم أرك تُطِيقهُ ثمَّ عرض للرجل سفرة فَقَالَ: إِنِّي احتسبتك أَمينا فَاخْلُفْنِي فِي أَهلِي خلَافَة حَسَنَة
قَالَ: فأوصني بِعَمَل
قَالَ: إِنِّي أكره أَن أشق عَلَيْك
قَالَ: لَيْسَ يشق عليّ قَالَ: فَاضْرب من اللَّبن لنبني حَتَّى أقدم عَلَيْك فَمر الرجل لسفره فَرجع وَقد شيد بِنَاؤُه فَقَالَ: أَسأَلك بِوَجْه الله مَا سَبِيلك وَمَا أَمرك فَقَالَ: سَأَلتنِي بِوَجْه الله وَوجه الله أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة أَنا الْخضر الَّذِي سَمِعت بِهِ
سَأَلَني مِسْكين صَدَقَة وَلم يكن عِنْدِي شَيْء أعْطِيه فَسَأَلَنِي بِوَجْه الله فأمكنته من نَفسِي فباعني
فأخبرك