فاذا لم تقبل هَذَا فسل لنَفسك وسل رَبك أَن يبْعَث مَعَك ملكا يصدقك بِمَا تَقول ويراجعنا عَنْك وسله أَن يَجْعَل لَك جنَانًا وقصوراً من ذهب وَفِضة تغنيك عَمَّا تبتغي - فَإنَّك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش
كَمَا نلتمسه - حَتَّى نَعْرِف فضلك ومنزلتك من رَبك إِن كنت رَسُولا كَمَا تزْعم
فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَنا بفاعل
مَا أَنا بِالَّذِي يسْأَل ربه هَذَا
وَمَا بُعثتُ إِلَيْكُم بِهَذَا وَلَكِن الله بَعَثَنِي بشيراً وَنَذِيرا فَأنْزل الله فِي قَوْلهم ذَلِك {وَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام} إِلَى قَوْله {وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبك بَصيرًا} أَي جعلت بَعْضكُم لبَعض بلَاء لتصبروا وَلَو شِئْت أَن أجعَل الدُّنْيَا مَعَ رَسُولي فَلَا تخالفوه لفَعَلت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تتبعون} قَالَه الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه يَوْم دَار الندوة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أنظر كَيفَ ضربوا لَك الْأَمْثَال فضلوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} قَالَ: مخرجا يخرجهم من الْأَمْثَال الَّتِي ضربوا لَك وَفِي قَوْله {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات تجْرِي} قَالَ: حَوَائِط {وَيجْعَل لَك قصورا} قَالَ: بُيُوتًا مبينَة مشيدة
كَانَت قُرَيْش ترى الْبَيْت من حِجَارَة قصراً كَائِنا مَا كَانَ
وَأخرج الواحدي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما عير الْمُشْركُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفاقة قَالُوا {مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق} حزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ: إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا أَنهم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق} ثمَّ أَتَاهُ رضوَان خَازِن الْجنان وَمَعَهُ سفط من نور يتلألأ فَقَالَ: هَذِه مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَضرب جِبْرِيل إِلَى الأَرْض أَن تواضع فَقَالَ: يَا رضوَان لَا حَاجَة لي فِيهَا فَنُوديَ: أَن ارْفَعْ بَصرك فَرفع فَإِذا السَّمَوَات فتحت أَبْوَابهَا إِلَى الْعَرْش وبدت جنَّات عدن فَرَأى منَازِل الْأَنْبِيَاء وعرفهم وَإِذا مَنَازِله فَوق منَازِل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ: رضيت
ويرون أَن هَذِه الْآيَة أنزلهَا رضوَان {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute