لَك رَبك مَا شَأْنك قَالَ: يَا رب أَنْت أعلم بِمَا قَالَت قَالَ: فَإِن الله يَأْمُرك أَن تعود إِلَى سريرك فتقعد عَلَيْهِ وَترسل إِلَيْهَا وَإِلَى من حضرها من جنودها وَترسل إِلَى جَمِيع جنودك الَّذين حضروك فيدخلوا عَلَيْك فتسألها وتسألهم عَمَّا سَأَلتك عَنهُ قَالَ: فَفعل سُلَيْمَان ذَلِك
فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا قَالَ لَهَا: عَم سألتيني قَالَت: سَأَلتك عَن مَاء رواء لَا من الأَرْض وَلَا من السَّمَاء قَالَ: قلت لَك عرق الْخَيل قَالَت: صدقت
قَالَ: وَعَن أَي شَيْء سألتيني قَالَت: مَا سَأَلتك عَن شَيْء إِلَّا عَن هَذَا قَالَ لَهَا سُلَيْمَان: فلأي شَيْء خَرَرْت عَن سَرِيرِي قَالَت: كَانَ ذَلِك لشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ
فَسَأَلَ جنودها فَقَالُوا: مثل قَوْلهَا
فَسَأَلَ جُنُوده من الإِنس وَالْجِنّ وَالطير وكل شَيْء كَانَ حَضَره من جُنُوده فَقَالُوا: مَا سَأَلتك يَا رَسُول الله عَن شَيْء إِلَّا عَن مَاء رواء قَالَ: وَقد كَانَ
قَالَ لَهُ الرَّسُول: يَقُول الله لَك: ارْجع ثمَّة إِلَى مَكَانك فَإِنِّي قد كفيتكم فَقَالَ سُلَيْمَان للشياطين: ابنو لي صرحاً تدخل عَليّ فِيهِ بلقيس فَرجع الشَّيَاطِين بَعضهم إِلَى بعض فَقَالُوا لِسُلَيْمَان: يَا رَسُول الله قد سخر الله لَك مَا سخر وبلقيس ملكة سبأ ينْكِحهَا فتلد لَهُ غُلَاما فَلَا ننفك لَهُ من الْعُبُودِيَّة أبدا قَالَ: وَكَانَت امْرَأَة شَعْرَاء السَّاقَيْن فَقَالَت الشَّيَاطِين: ابنو لَهُ بنياناً كَأَنَّهُ المَاء يرى ذَلِك مِنْهَا فَلَا يَتَزَوَّجهَا فبنوا لَهُ صرحاً من قَوَارِير فَجعلُوا لَهُ طوابيق من قَوَارِير وَجعلُوا من بَاطِن الطوابيق كل شَيْء يكون من الدَّوَابّ فِي الْبَحْر
من السّمك وَغَيره ثمَّ اطبقوه ثمَّ قَالُوا لِسُلَيْمَان: ادخل الصرح
فألقي كرسياً فِي أقْصَى الصرح
فَلَمَّا دخله أَتَى الْكُرْسِيّ فَصَعدَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أدخلُوا عليَّ بلقيس فَقيل لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا ذهبت فرأت صُورَة السّمك وَمَا يكون فِي المَاء من الدَّوَابّ {حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا} لتدخل
وَكَانَ شعر سَاقهَا ملتوياً على سَاقيهَا
فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَان ناداها وَصرف وَجهه عَنْهَا {إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير} فَأَلْقَت ثوبها وَقَالَت {رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين}
فَدَعَا سُلَيْمَان الإِنس فَقَالَ: مَا أقبح هَذَا مَا يذهب هَذَا قَالُوا: يَا رَسُول الله الموسى
فَقَالَ: الموسى تقطع ساقي الْمَرْأَة ثمَّ دَعَا الشَّيَاطِين فَقَالَ مثل ذَلِك فتلكؤا عَلَيْهِ ثمَّ جعلُوا لَهُ النورة قَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهُ لأوّل يَوْم رؤيت فِيهِ النورة