الشَّام فَأسر بهَا أحباراً فَانْطَلق بهم نَحْو الْيمن - حَتَّى إِذا دنا من ملكه طَار فِي النَّاس أَنه هَادِم الْكَعْبَة فَقَالَ لَهُ الْأَحْبَار: مَا هَذَا الَّذِي تحدث بِهِ نَفسك فَإِن هَذَا الْبَيْت لله وَإنَّك لن تُسَلَّط عَلَيْهِ فَقَالَ: إِن هَذَا لله وَأَنا أَحَق من حرمه فَأسلم من مَكَانَهُ وَأحرم فَدَخلَهَا محرما فَقضى نُسكه ثمَّ انْصَرف نَحْو الْيمن رَاجعا حَتَّى قدم على قومه فَدخل عَلَيْهِ أَشْرَافهم فَقَالُوا: يَا تبع أَنْت سيدنَا وَابْن سيدنَا خرجت من عندنَا على دين وَجئْت على غَيره فاختر منا أحد أَمريْن إِمَّا أَن تخلينا وملكنا وَتعبد مَا شِئْت وَإِمَّا أَن تذر دينك الَّذِي أحدثت - وَبينهمْ يَوْمئِذٍ نَار تنزل من السَّمَاء - فَقَالَ الْأَحْبَار عِنْد ذَلِك: اجْعَل بَيْنك وَبينهمْ النَّار فتواعد الْقَوْم عِنْد ذَلِك جَمِيعًا على أَن يجْعَلُوا بَينهم النَّار فجيء بالأحبار وكتبهم وَجِيء بالأصنام وعمارها وَقدمُوا جَمِيعًا إِلَى النَّار وَقَامَت الرِّجَال خَلفهم بِالسُّيُوفِ فهدرت النَّار هدير الرَّعْد ورمت شعاعاً لَهَا فنكص أَصْحَاب الْأَصْنَام وَأَقْبَلت النَّار فأحرقت الْأَصْنَام وعمالها وَسلم الْآخرُونَ فَأسلم قوم واستسلم قوم فلبثوا بعد ذَلِك عمر تبع حَتَّى إِذا نزل بتبع الْمَوْت اسْتخْلف أَخَاهُ وَهلك فَقتلُوا أَخَاهُ وَكَفرُوا صَفْقَة وَاحِدَة
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما قدم تبع الْمَدِينَة وَنزل بفناه بعث إِلَى أَحْبَار يهود فَقَالَ: إِنِّي مخرب هَذَا الْبَلَد حَتَّى لَا تقوم بِهِ يَهُودِيَّة وَيرجع الْأَمر إِلَى دين الْعَرَب
فَقَالَ لَهُ شَابُور الْيَهُودِيّ: - وَهُوَ يَوْمئِذٍ اعلمهم - أَيهَا الْملك إِن هَذَا بلد يكون إِلَيْهِ مهَاجر نَبِي من بني إِسْمَاعِيل مولده بِمَكَّة اسْمه أَحْمد وَهَذِه دَار هجرته إِن مَنْزِلك هَذَا الَّذِي نزلت بِهِ يكون من الْقِتَال والجراح أَمر كثير فِي أَصْحَابه وَفِي عدوهم
قَالَ تبع: وَمن يقاتله يَوْمئِذٍ وَهُوَ نَبِي كَمَا تزْعم قَالَ: يسير إِلَيْهِ قومه فيقتتلون هَهُنَا
قَالَ: فَأَيْنَ قَبره قَالَ: بِهَذَا الْبَلَد
قَالَ: فَإِذا قوتل لمن تكون الدبرة قَالَ: تكون عَلَيْهِ مرّة وَله مرّة وَبِهَذَا الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ يكون عَلَيْهِ وَيقتل بِهِ أَصْحَابه مقتلة عَظِيمَة لم تقتل فِي موطن ثمَّ تكون الْعَاقِبَة لَهُ وَيظْهر فَلَا ينازعه هَذَا الْأَمر أحد
قَالَ: وَمَا صفته قَالَ: رجل لَيْسَ بالقصير وَلَا بالطويل فِي عَيْنَيْهِ حمرَة يركب الْبَعِير ويلبس الشملة سَيْفه على عَاتِقه وَلَا يُبَالِي من لَاقَى حَتَّى يظْهر أمره
فَقَالَ تبع: مَا إِلَى هَذَا الْبَلَد من سَبِيل وَمَا كَانَ ليَكُون خرابها على يَدي فَرجع تبع منصرفاً إِلَى الْيمن
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عباد بن زِيَاد المري عَمَّن أدْرك [] قَالَ: أقبل تبع يفْتَتح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute