فِي الْهُدْنَة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْمُشْركين فَأَما الْيَوْم فَلَا يَقُول الله (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وَيَقُول {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} فَإِن كَانُوا من مُشْركي الْعَرَب لم يقبل مِنْهُم شَيْء إِلَّا الإِسلام فَإِن لم يسلمُوا فالقتل وَأما من سواهُم فَإِنَّهُم إِذا أَسرُّوا فالمسلمون فيهم بِالْخِيَارِ إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استحيوهم وَإِن شاؤوا فادوهم إِذا لم يتحوّلوا عَن دينهم فَإِن أظهرُوا الإِسلام لم يفادوا وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الصَّغِير وَالْمَرْأَة وَالشَّيْخ الفاني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نسخت (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)(النِّسَاء ٨٩) مَا كَانَ قبل ذَلِك من فدَاء أَو مَنّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يكره قتل أهل الشّرك صبرا وَيَتْلُو {فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} ثمَّ نسختها {فخذوهم واقتلوهم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَنزلت زَعَمُوا فِي الْعَرَب خَاصَّة وَقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقبَة بن أبي معيط [] يَوْم بدر صبرا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قتل الوصفاء والعسفاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النِّسَاء والولدان إِلَّا من عدا مِنْهُم بِالسَّيْفِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فطلبوا رجلا فَصَعدَ شَجَرَة فأحرقوها بالنَّار فَلَمَّا قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ بذلك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: إِنِّي لم أبْعث أعذب بِعَذَاب الله إِنَّمَا بعثت بِضَرْب الرّقاب وَشد الوثاق
أما قَوْله تَعَالَى:{حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى لَا يكون شرك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يعبد الله وَلَا يُشْرك بِهِ