وَعُثْمَان والمغيرة بن عبد الله مَعَهم تِجَارَة قد مروا بهَا من الطَّائِف إِلَى مَكَّة أَدَم وزيت فَلَمَّا رَآهُمْ الْقَوْم أشرف لَهُم وَاقد بن عبد الله وَكَانَ قد حلق رَأسه فَلَمَّا رَأَوْهُ حليقاً قَالَ عمار: لَيْسَ عَلَيْكُم مِنْهُم بَأْس وائتمر الْقَوْم بهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آخر يَوْم من جُمَادَى فَقَالُوا: لَئِن قتلتوهم إِنَّكُم لتقتلونهم فِي الشَّهْر الْحَرَام وَلَئِن تركتموهم ليدخلن فِي هَذِه اللَّيْلَة حرم مَكَّة فيمتنعن مِنْكُم
فأجمع الْقَوْم على قَتلهمْ فَرمى وَاقد بن عبد الله التَّمِيمِي عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ فَقتله واستأسر عُثْمَان بن عبد الله وَالْحكم بن كيسَان وهرب الْمُغيرَة فاعجزهم
وَاسْتَاقُوا العير فقدموا بهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم: وَالله مَا أَمرتكُم بِقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأوقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَسِيرين وَالْعير فَلم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا فَلَمَّا قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قد سقط فِي أَيْديهم وظنوا أَن قد هَلَكُوا وَعَنَّفَهُمْ اخوانهم من الْمُسلمين وَقَالَت قُرَيْش حِين بَلغهُمْ أَمر هَؤُلَاءِ: قد سفك مُحَمَّد الدَّم الْحَرَام وَأخذ المَال وَأسر الرِّجَال واستحل الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} الْآيَة
فَلَمَّا نزل ذَلِك أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العير وفدى الْأَسِيرين
فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله أتطمع أَن يكون لنا غَزْوَة فَأنْزل الله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله} وَكَانُوا ثَمَانِيَة وأميرهم التَّاسِع عبد الله بن جحش
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} قَالَ: يَقُول: يَسْأَلُونَك عَن قتال فِيهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يقْرؤهَا / عَن قتال فِيهِ /
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله ((يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام عَن قتال فِيهِ)) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة
أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف / قتل فِيهِ /
وَأخرج عَن عَطاء بن ميسرَة قَالَ: أحل الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام فِي بَرَاءَة فِي قَوْله (فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة ٣٦)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ
أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هَذَا شَيْء مَنْسُوخ وَلَا بَأْس بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْر الْحَرَام