للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيمة الكسوة فهما شيء واحد, فكيف يخير بينهما؟ وإن زادت قيمة أحدهما على الآخر فكيف يخير بين شيء وبعضه؟

٤ - ثم ينبغي أنه إذا أعطاه في الكسوة ما يساوي إطعامه أن يجزئه, وهو خلاف الآية. وكذلك لو غلت قيمة الطعام, فصار نصف المد يساوي كسوة المسكين , ينبغي أن يجزئه نصف المد، وهو خلاف الآية.

٥ - ولأنه أحد ما يكفَّرُ به، فلا تجزئ فيه القيمة كالعتق. فعلى هذا لو أعطاهم أضعاف قيمة الطعام لا يجزئه؛ لأنه لم يؤد الواجب فلا يخرج عن عهدته (١).

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:

١ ـ إن المقصود دفع حاجة المسكين، وهو يحصل بالقيمة.

٢ ـ أن تمليك الثمن أقرب إلى قضاء حاجة المسكين من تمليك عين الطعام؛ لأنه به يتوصل إلى ما يختاره من الغذاء الذي اعتاد الاغتذاء به فكان أقرب إلى قضاء حاجته فكان أولى بالجواز.

٣ ـ أن الكفارة جعلت حقا للمسكين، فمتى أخرج من عليه الطعام إلى المستحق بدله وقبله المستحق عن طوع فقد استبدل حقه به فيجب القول بجواز هذا الاستبدال بمنزلة التناول في سائر الحقوق (٢).

والراجح أن يقال:

الأصل أن تكون الكفارة طعاماً، أو كسوة حسب ما ورد في ظاهر النص، فإن وجدت مصلحة تقتضي تفضيل القيمة باعتبار حال الشخص المعطى، أو باعتبار البلد بحيث تكون القيمة أنفع للمستحقين فيجوز.


(١) المغني (٩/ ٥٤٢).
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ١٠٢).

<<  <   >  >>