للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله، وصحبه، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

فإن من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم من التعاليم والتشريعات ما يضبط تصرفاتهم ويقيم شؤون حياتهم، ويضمن لهم حياة كريمة، يسعدون بها في الدنيا، ويفوزون بالنعيم المقيم في الأخرى.

ولقد حث الله عباده ورغبهم بالامتثال لأوامره، والابتعاد عن محارمه فإن ذلك هو أزكى لهم، وأصلح لشؤونهم، ولما كان الإنسان ضعيفًا، ولا ينفك عن الخطأ والزلل، وهو يرجو أن يُغفر ذنبه، ويُكفر عن سيئاته، ويُعفى عن خطئه، بحيث يخرج من الدنيا وقد خفف عن ظهره ما استطاع من الأثقال التي تعرضه للحساب يوم القيامة، فقد جعل الله له في كل أزمة مخرجاً، ومن كل ذنب فتح له للتوبة بابًا، تحقيقاً لمبدأ الرحمة، والتيسير ورفع الحرج، ومن هذه المخارج التي جاءت بها الشريعة الإسلامية جبراً للخلل في بعض الأمور وتكفيراً للخطأ فيها، وزجراً عن العودة لمثلها فيما يستقبل من الأيام، الكفارات والتي تعد نظاماً تشريعياً رائداً لا نظير له، فهي عبادة لله تعالى تتحقق فيها التقوى المتمثلة بصدق الوفاء بها طاعة لله، وامتثالاً لأمره من غير رقيب سوى الشعور بالمسؤولية أمام الله تعالى، وهي نظام أخلاقي تتجلى فيه معاني المواساة، والتكافل الاجتماعي.

ولما كانت الكفارات متعددة الأبواب مختلفة الأحكام في بعض تفاصيلها، وكون الحاجة إليها ماسة لعموم البلوى بها، وشدة حاجة المجتمع إليها فقد رأيت أن أكتب في هذا الباب المسائل المتعلقة بالكفارات محاولاً التركيز على القضايا المهمة فيها والتي تقتضي المعرفة لدى الجمهور، وسميته (الكفارات ... أحكام وضوابط) وقد اقتضى البحث تناوله وفق الخطة التالية:

<<  <   >  >>