للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاز أبو حنيفة ومحمد إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور لا الزكاة، لعموم قوله تعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين} [المائدة: ٨٩] من غير تفرقة بين المؤمن والكافر. واستثنيت الزكاة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم) (١).

قال الكاساني في بدائع الصنائع: ويجوز إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور وغير ذلك إلا الزكاة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله (٢).

فإذا جازت الصدقة عليهم، وجاز إعطاؤهم الزكاة تأليفًا لقلوبهم فبالأولى أن يجوز إعطاؤهم الكفارات الشرعية؛ لمعنى تأليف القلب.

وفي تحفة الفقهاء: "ولو أطعم فقراء أهل الذمة جاز وفقراء المسلمين أفضل" (٣).

وفي بدائع الصنائع: "وأما سوى الزكاة من صدقة الفطر والكفارات والنذور فلا شك في أن صرفها إلى فقراء المسلمين أفضل؛ لأن الصرف إليهم يقع إعانة لهم على الطاعة وهل يجوز صرفها إلى أهل الذمة قال أبو حنيفة ومحمد: يجوز، وقال أبو يوسف: لا يجوز وهو قول زفر والشافعي" (٤).

والذي يبدو لي أن الأولى صرفها لفقراء المسلمين، ومستحقيهم، فإذا لم يوجد فقراء مسلمون، أو وجدت مصلحة أخرى جاز صرفها لغير المسلم تأليفاً.

ولأن الإسلام قد فرض في الزكاة نصيباً لغير المسلم لمصلحة التأليف، فالكفارة من باب أولى.


(١) أخرجه البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩).
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ١٠٤).
(٣) تحفة الفقهاء (٢/ ٣٤١ - ٣٤٢)
(٤) بدائع الصنائع (٢/ ٤٩).

<<  <   >  >>