للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ـ ولأنها كفارة واجبة، فلم تسقط بالعجز عنها، كسائر الكفارات.

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي (١):

١ ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الأعرابي أن يطعم أهله، ولم يأمره بكفارة أخرى ولا بين له بقاءها في ذمته.

٢ ـ ولأن الله تعالى لا يكلف الإنسان بما ليس في طاقته ولا تحت قدرته، لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقوله: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}.

والراجح هو القول الثاني لقوة أدلته، ودعوى التخصيص لا تسمع بغير دليل (٢).

ولأن الكفارة واجبة، والواجبات منوطة بالاستطاعة، والعجز عن فعلها يسقطها، فلا واجب مع

العجز ولا حرام مع الضرورة كما هو معلوم من أصول التشريع الإسلامي.

قال الشيخ ابن عثيمين: "والقول الراجح أنّها تسقط، وهكذا أيضاً نقول في جميع الكفارات، إذا لم يكن قادراً عليها حين وجوبها فإنها تسقط عنه، إمّا بالقياس على كفارة الوطء في رمضان، وإما لدخولها في عموم قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧] وما أشبه ذلك ... وبناءً على القاعدة العامة الأصوليّة التي اتفق عليها الفقهاء في الجملة، وهي أنّه (لا واجب مع عجز) " (٣).


(١) المغني (٣/ ١٤٣).
(٢) المغني (٣/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٣) الشرح الممتع (٦/ ٤١٨).

<<  <   >  >>