للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبل وجود شرطه جائز، بدليل تعجيل الزكاة بعد وجود النصاب وقبل الحول، وكفارة القتل بعد الجرح وقبل الزهوق.

قال ابن عبد البر: "وكان أبو حنيفة وأصحابه لا يجيزون الكفارة قبل الحنث؛ لأنها إنما تجب بالحنث، والعجب لهم أنهم لا تجب الزكاة عندهم إلا بتمام مرور الحول، ويجيزون تقديمها قبل الحول من غير أن يروا في ذلك مثل هذه الآثار، ويأبون من تقديم الكفارة قبل الحنث مع كثرة الرواية بذلك والحجة في السنة ومن خالفها محجوج بها" (١).

وأما أصحاب الشافعي فهم محجوجون بالأحاديث، مع أنهم قد احتجوا بها في البعض، وخالفوها في البعض، وفرقوا بين ما جمع بينه النص، ولأن الصيام نوع تكفير، فجاز قبل الحنث، كالتكفير بالمال، وقياس الكفارة على الكفارة أولى من قياسها على الصلاة المفروضة بأصل الوضع (٢).

ولا يصح قياس كفارة اليمين على الصلاة وغيرها من العبادات المؤقتة؛ لأن الصلاة ونحوها عبادة مؤقتة بوقت له بداية ونهاية فلا يجوز فعلها قبل وقتها ولا بعد خروج وقتها بخلاف الكفارة فهي غير مؤقتة وإنما تتعلق بسببها ووقتها موسع، وأما الزكاة فقد قلنا إنه يجوز أدائها بعد وجود سببها، وقبل تحقق شرطها فيجوز إخراجها بعد امتلاك النصاب وقبل حولان الحول، وقياس الكفارة على الزكاة أولى من قياسها على الصلاة.


(١) التمهيد (٢١/ ٢٤٧).
(٢) المغني (٩/ ٥٢١).

<<  <   >  >>