للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الكاساني: "الكفارتان الواجبتان لا يخلو (إما) إن وجبتا بسببين من جنسين مختلفين وإما إن وجبتا بسببين من جنس واحد؛ (فإن) وجبتا بسببين من جنسين مختلفين كالقتل والظهار فأعتق رقبة واحدة ينوي عنهما جميعا لا يجوز عن إحداهما بلا خلاف بين أصحابنا، وعند الشافعي - رحمه الله - يجوز، (وإن) وجبتا بسببين من جنس واحد كظهارين أو قتلين يجوز عن إحداهما عند أصحابنا الثلاثة - رحمهم الله - استحسانا، وهو قول الشافعي - رحمه الله -، والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر - رحمه الله -، وهذا الاختلاف مبني على أن نية التعيين والتوزيع هل تقع معتبرة أم تقع لغوا، فعند أصحابنا معتبرة في الجنسين المختلفين، وعند الشافعي - رحمه الله - لغو فيهما جميعا، (وأما) في الجنس الواحد فهي لغو عند أصحابنا الثلاثة - رضي الله عنهم - وعند زفر معتبرة قياسا" (١).

وفي المغني لابن قدامة وهو يتحدث عن تعدد كفارة اليمين: "قال أبو بكر: ما نقله المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه.

وهو قول إسحاق؛ لأنها كفارات من جنس، فتداخلت، كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها، بأن يسرق من جماعة، أو يزني بنساء ...

وفارق الحدود؛ فإنها وجبت للزجر، وتندرئ بالشبهات، بخلاف مسألتنا، ولأن الحدود عقوبة بدنية، فالموالاة بينها ربما أفضت إلى التلف، فاجتزئ بأحدها .. " (٢).


(١) بدائع الصنائع (٥/ ٩٩).
(٢) المغني (٩/ ٥١٥).

<<  <   >  >>