للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر رجاء بن حيوة سبب توليته فقال: لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبدالملك ثيابا خضرا من خز، ونظر في المرآة، فقال: أنا والله الملك الشاب، فخرج إلى الصلاة فصلى بالناس الجمعة، فلم يرجع حتى وعك، فلما ثقل عهد في كتاب كتبه لبعض بنيه وهو غلام ولم يبلغ فقلت: ما تصنع يا أمير المؤمنين! إنه مما يحفظ الخليفة في قبره أن يستخلف على المسلمين الرجل الصالح فقال سليمان: أنا أستخير الله وأنظر فيه ولم أعزم عليه، قال: فمكث يوما أو يومين، ثم دعاني، فقال: ما ترى في داود بن سليمان؟ فقلت: هو غائب عنك بقسطنطينية وأنت لا تدري أحي هو أم ميت! فقال لي: فمن ترى؟ قلت: رأيك يا أمير المؤمنين، وأنا أريد أنظر من يذكر، قال: كيف ترى في عمر بن عبدالعزيز؟ فقلت: أعلمه والله خيرا فاضلا مسلما، فقال: هو والله على ذلك، ثم قال: والله لئن وليته ولم أول أحدا سواه لتكونن فتنة، ولا يتركونه أبدا يلي عليهم إلا أن يجعل أحدهم بعده، ويزيد بن عبدالملك غائب على الموسم، قال: فيزيد بن عبدالملك أجعله بعده، فإن ذلك مما يسكنهم ويرضون به، قلت: رأيك قال: فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من عبدالله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبدالعزيز، أني قد وليتك الخلافة من بعدي، ومن بعده يزيد بن عبدالملك، فاسمعوا له وأطيعوا، واتقوا الله ولا تختلفوا فيُطمع فيكم، وختم الكتاب ... ،

أما عمر فهو التقى النقي الصوّام القوّام، كان فاضلا يؤثر الدين على الدنيا، ويعمل عمل من يخاف يومه ويرجو غده، ويقر بتدينه لما يجري أهله عليه، وكان نقش خاتمه "لكل عمل ثواب" وقيل: "عمر يؤمن باللَّه مخلصا".

<<  <   >  >>