للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان حسن السيرة عادلا في الرعية، يعود المرضى، ويشيّع الجنائز، ويأخذ مال الله من وجهه، ويصرفه في حقه.

وكان شبيها في السيرة بعمر بن الخطاب جده لأمه (١).

كان قبل خلافته يلبس الحلة بألف دينار ويقول: ما أخشنها، وحين ولى الخلافة كان قميصه وعمامته وجميع ما يكون على بدنه من ثوب واحد خشن وتحته جبّة صوف تلاقي جلده على بدنه ويقول: هذا لمن يموت كثير.

وبعد وفاته رئي في المنام وهو على حالة حسنة، وعليه ثياب فاخرة، وهو جالس في روضة نزهة، فقال له الرائي له في المنام: يا أمير المؤمنين قل لي ما أعيده عنك إلى أهلك ورعيتك، فقال له عمر: قل لهم: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} (٢) ثم تلا بعد ذلك قول الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (٣)، وكان بنوا أميّة كلهم يلعنون عليّا - رضي الله عنه - على المنبر، فمذ وُلّى عمر ابن عبدالعزيز قطع تلك اللعنة، واستبدلها بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (٤)، وبقيت السنة بعده إلى يومنا هذا، نسأل الله أن يثيبه عليها أعظم ثواب وأجزله.


(١) تأريخ الطبري ٦/ ٥٥٠، ٥٥١، التنبيه والإشراف ١/ ٢٧٦، الإنباء في تأريخ الخلفاء ١/ ٥٠، ٥١.
(٢) الآية (٦١) من سورة الصافات.
(٣) الآية (٨٣) من سورة القصص.
(٤) الآية (٩٠) من سورة النحل.

<<  <   >  >>