للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنى في خلافة والده المنصور مدينة الري (١)، وجعل حولها خندقا، وبنى فيها مسجدا جامعا.

وذُكر أن المهدي قال في ذات يوم: إني داخل ذلك النهر نائم فيه فلا يوقظني أحد حتى أستيقظ أنا من ذاتي، إذ سمعوا بكاءه، فبادروا إليه وقالوا: مما بكاءك؟ ، فقال: رأيت الساعة رجلا لو كان في مائة رجل لما خفي، فوقف على باب هذا النهر وجعل يقول هذه الأبيات فحفظتها منه:

كأني بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش منه أهله ومنازله

وصار عميد القوم من بعد نعمة ... وملك إلى قبر عليه جنادله

فلم يبق إلا ذكره وحديثه ... تنادي بليل معولات حلائله

فلم يشك أحد أن أجله قد اقترب.

قال علي بن يقطين: فكنا معه بعد ذلك في قصر الرصافة ببغداد فأرسل إلى وجوه بني هاشم ورؤساء القوم فأحضرهم ثم أخذ عليهم البيعة لابنه موسى وسماه الهادي وجعل هارون من بعده ولي العهد وسماه الرشيد، ثم لم يلبث المهدي بعد ذلك قليلا حتى مات، فكانت مدة خلافته عشر سنين وشهرا واحدا، وتوفي بموضع يقال له ماسبذان (٢) ودفن في دير الغنم (٣) ليلة الخميس لثمان ليال بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة.


(١) سنة ثمان وخمسين ومائة، وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا، وكتب اسمه على حائطها (معجم البلدان (٣/ ١١٨).
(٢) اسم هذه الكورة مضاف إلى اسم القمر وهو ماه، وهي مدينة حسنة في الصحراء بين جبال كثيرة الشجر (معجم البلدان ٥/ ٤١، ٤٩).
(٣) لم أقف على ما يفيد عنه.

<<  <   >  >>