للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنصور والرشيد في طول العمر، وكان أبيض، أقنى، أعين، جميلا، طويل اللحية، قد وخطه الشيب، ضيِّق الجبهة، بخده خال أسود يعلوه صفرة.

ولما وضعت الحرب بين محمد وعبدالله ابني هارون الرشيد أوزارها، واستوسق الناس بالمشرق والعراق والحجاز لعبدالله المأمون بالطاعة، أخذ المأمون البيعة العامة بعد قتل أخيه الأمين يوم الأحد لخمس ليال بقين من المحرم، سنة ثمان وتسعين ومائة، وبايع للرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالعهد بعده، وأزال لبس السواد، ولبس بدله الخضرة، وأخذ الناس بذلك، فاضطرب من بمدينة السلام من الهاشميين، وعظم ذلك على أهل بغداد عامة، وعلى الهاشميين خاصة، لزوال الملك عنهم ومصيره إلى ولد أبى طالب (١).

ودخل المأمون مدينة السلام يوم السبت لثمان عشرة ليلة خلت من صفر سنة أربع ومئتين، وأمر بإعادة لبس السواد بعد ثمانية أيام من قدومه.

وكان المأمون شديد الميل إِلى العلويين، والإحسان إِليهم رحمه الله تعالى، ردّ فدك على ولد فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسلمها إِلى محمد بن يحيى بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ليفرقها على مستحقيها من ولد فاطمة، وكان المأمون مشاركاً في علوم كثيرة.


(١) التنبيه والإشراف ٣٠٢، والمنتظم في تأريخ الملوك والأمم (١٠/ ٤٩.

<<  <   >  >>