للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر مثله تأتيني به فأحبسه وأكفي الناس شره وله شعر متوسط منه قول في البخل:

باخل أشعل في بيته ... تكرمة منه لنا شمعة

فما جرت من عينها دمعة ... حتى جرت من عينه دمعة

وقوله:

عيرتني بالشيب وهو وقار ... ليتها عيرت بما هو عار

إن تكن شابت الذوائب مني ... فالليالي تزينها الأقمار

وفي سنة سبع وخمسين وخمسمائة وهي السنة الثالثة من خلافته جرت الكائنة الغريبة وهي أن الملك العادل نور الدين رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نومه ليلة ثلاث مرات وهو يشير إلى رجلين أشقرين يقول أنجدني من هذين فأرسل إلى وزيره وتجهزا في بيته ليلتهما على رواحل خفيفة في عشرين نفرا وصحب مالا كثيرا فقدم المدينة في ستة عشر يوما فزار ثم أمر بإحضار أهل المدينة بعد كتابتهم وصار يتأمل في كل ذلك تلك الصفة إلى أن انقضت الناس فقال هل بقي أحد؟ قالوا: لم يبق سوى رجلين صالحين عفيفين مغربيين يكثران الصدقة فطلبهما فرآهما الرجلين اللذين أشار إليهما النبي عليه الصلاة والسلام فسأل عن منزلهما فأخبر أنهما في رباط بقرب الحجرة الشريفة فأمسكهما ومضى إلى منزلهما فلم ير غير ختمتين وكتبا في الرقائق ومالا كثيرا فأثنى عليهما أهل المدينة خيرا فبقى مترددا متحيرا فرفع حصيرا في البيت فرأى سردابا محفورا ينتهي إلى صوب الحجرة فارتاعت الناس لذلك فقال لهما السلطان أصدقاني وضربهما ضربا شديدا فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى في زي حجاج المغاربة وأمالوهما بالمال العظيم ليتحيلا في الوصول إلى الجناب الشريف ونقله وما يترتب عليه فنزلا قرب رباطا

<<  <   >  >>