للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصارا يحفران ليلا ولكل منهما محفظة جلد والذي يجتمع من التراب يخرجانه في محفظتيهما إلى البقيع إذا خرجا بعلة الزيارة فلما قرب من الحجرة أرعدت السماء وأبرقت وحصل رجف عظيم فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة فلما ظهر حالهما بكى السلطان بكاء شديدا وأمر بضرب رقابهما فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة المسمى الآن شباك الجمال ثم أمر بإحضار رصاص عظيم وحفر خندقا عظيما إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها وأذاب ذلك الرصاص وملأ الخندق فصار حول الحجرة سور من رصاص إلى الماء، وفي سنة إحدى وستين وخمسمائة ذكر صاحب الخميس عن شمس الدين صواب الموصلي بواب المسجد النبوي والقائم بأمره بإسناد صحيح عنه

أن جماعة من الروافض وصلوا من حلب فأهدوا إلى أمير المدينة الشريفة من الأموال والجواهر ما لم يخطر ببال فشغله ذلك وأنساه دينه والتمسوا منه أن يخرجوا جسد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلِما غشيه من حب الدنيا والتشاغل بالأموال عن الدين وافقهم على ذلك قال صواب الموصلي المذكور: فطلبني أمير المدينة وقال: إن في هذه الليلة يصل إليك سمط كذا وكذا من الرجال فحين يصلون إليك سلم إليهم مفتاح الحجرة الشريفة النبوية ولا تتشاغل عنهم وإلا أخذت ما فيه عيناك، قال صواب: فأخذتني رعدة ودهشة ولا أدري إلام يؤل الأمر فانتظرت، فلما كان نصف الليل أقبل أربعون رجلا فدخلوا من باب السلام فسلمت إليهم مفتاح الحجرة المطهرة، فإذا معهم المقاحف والمكاتل وآلات الحفر فعرفت مرادهم، وغاب حسى من الهيبة النبوية ثم سجدت لله وجعلت أبكي وأتضرع، فما نظرت إلا وقد انشقت الأرض واشتملتهم بجميع ما معهم من آلات الحفر والتأمت لساعتها وذلك عند المحراب العثماني، فسجدت شكرا لله، فلما استبطأ الأمير الخبر أرسل لي رسولا فأخبرته بما رأيت، فطلبني عاجلا فوصلت إليه فإذا هو مثل الواله فسألني مشافهة فحققت

<<  <   >  >>