للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما اختير من شعرهم الرقيق الجزل ... المنظوم في سلكه جواهر الجدّ والهزل

حدث ابن حبيب في كتابه الذي صنفه في أخبار عقلاء المجانين باسناده إلى أبي إسحق إبراهيم الايلي قال رأيت غورثا المجنون يوماً خارجاً من الحمام والصبيان قيام يضربونه ويؤذونه وهو يبكي فقلت له ما خبرك يا أبا محمد قال اذاني هؤلاء الصبيان أما يكفيني ما أنا فيه من العشق والجنون قلت ما أظنك مجنوناً قال بلى والله وعاشق قلت وهل قلت في عشقك شيأً قال نعم ثم أنشد

جنون وعشق ذا يروح وذا يغدو ... فهذا له حدّ وهذا له حدّ

وقد سكنا تحت الحشى وتحالفا ... على مهجتي أن لا يفارقها الجهد

وأيّ طبيب يستطيع بحيلة ... يعالج من داءين ما منهما بدّ

قال الايلي فوليت عنه فقال قف واسمع ما أقول فإن شرح غرامي على الخلي يطول فوقفت فأنشد

جنون ليس يضبطه الحديد ... وحبّ لا يزول ولا يبيد

فجسمي بين ذاك وذا نحيل ... وقلبي بين ذاك وذا عميد

ثم قال لي انصرف ما سمعته يكفيك وأخذ يوماً بيد المتهم بعشقه فقال له المعشوق رجاء الخلاص منه كيف أصبحت فقال

أصبحت منك على شفا جرف ... متعرّضاً لموارد التلف

وأراك نحوي غير ملتفت ... منحرفاً عن غير منحرف

يا من أطال بهجره أسفي ... أسفي عليك أشد من تلفي

وحكى أيضاً أن هرون الرشيد مر بدير في ظاهر الرقة فلما أقبلت مواكبه أشرف أهل الدير ينظرون إليه وفيهم مجنون مسلسل فلما رأى هرون رمى بنفسه بين يديه وقال يا أمير المؤمنين قد قلت فيك أربعة أبيات أفأنشدك إياها قال

<<  <   >  >>