للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن تقاصر فهمه عن إدراك الصواب البادي فتطاول بذمه لسان الحاضر والبادي أحمد بن الخصيب وزير المستنصر ووزر أيضاً للمستعين عمل أبو العيناء كتاباً في ذمه حكى فيه إن جماعة من الفضلاء اجتمعوا في مجلس وكل منهم يكره ابن الخصيب لما كان فيه من الفدامة والجهالة والتغفل فتجاذبوا أطراف الملح في ذمه فقال علي بن بسام كان جهله غامراً لعقله وسفهه قاهراً لحلمه وقال لمعرة الرابض لو كان دابة لتقاعس في عنانه وحرن في ميدانه وقال آخر كنت إذا وقع لفظه في سمعي أحسست النقصان في عقلي وقال بعض كتابه كنت أرى قلم ابن الخصيب يكتب بما لا يصيب ولو نطق لنطق بنوك عجيب وقال إبراهيم بن المدبر كنت يوماً عنده فقدم الطعام وفيه هليون فأكب عليه فقلت له أراك راغباً في الهليون فقال إنه يزيد في الباه وسئل عنه أبو العيناء بعد هذا التصنيف فقال إن دنوت منه غرك وإن بعدت عنه ضرك فحياته لا تنفع وموته لا يضر وقال آخر لو غابت عنه العافية لنسيها وكان ابن الخصيب إذا ناظر شعب وحلب وربما رفس من ناظره إذا أفحم عن الجواب وخفي عنه الصواب واستولت عليه البلادة وعرى كلامه عن الافادة وفيه يقول محمد بن الفضل

قل للخليفة يا ابن عم محمد ... أشكل وزيرك إنه ركال

قد أحجم المتظلمون مخافة ... منه وقالوا ما نروم محال

ما دام مطلقة علينا رجله ... أو دام للنزق الجهول مقال

قد نال من أعراضنا بلسانه ... ولرجله بين الصدور مجال

أمنعه من ركل الرجال فإن ترد ... مالاً فعند وزيرك الأموال

وحكي عنه أنه رأى جراداً كثيراً يطير فقال لجلسائه لا تغتموا إني أحسبه كأنه ميت وفيه يقول بعض الشعراء يهجوه من أبيات

حمار في الكتابة يدعيها ... كدعوى آل حرب في زياد

فخل عن الكتابة لست منها ... ولو لطخت ثوبك بالمداد

<<  <   >  >>