للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالفعل فكانوا يقصدون نكايته في نفسه وأهله ولكثرة ايذائهم له قال ما أوذي أحد مثل ما أوذيت رموه بالحجارة فشجوا جبينه وكسروا رباعيته ووضعوا الشوك في طريقه وشقوا الكرش على رأسه وحاربوه وقتلوا أعمامه وعذبوا أصحابه وألبوا عليه وأخرجوه من أحب البقاع إليه وقتلوا عمه حمزة وبقروا بطنه ومثلوا به حتى إذا فتح الله مكة على يديه ودخلها بغير حمدهم وظهرت بها كلمته على رغمهم أخذ بعضادتي باب الكعبة وقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وشكره على ما منحه من الظفر وقال لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال ما تقولون وما تظنون إني فاعل بكم فقال سهل بن عمرو ونقول خبراً ونظن خيراً أخ كريم وابن أخي كريم وقد قدرت فقال أقول لكم كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين اذهبوا فأنتم الطلقاء ولما ظفر انوشروان ببزرجمهر وكان قد ترك دين المجوس قال الحمد لله الذي أظفرني بك قال كافئ من أعطاك ما تحب بما يحب فعفا عنه وحكى عن سلم بن نوفل وكان سيد قومه أن رجلاً ضرب ولده فشجه فأتى به إليه فقال له ما حملك على ما فعلت وما الذي أمنك من انتقامي منك فقال الرجل إنما سودناك لأنك تحلم وتكظم الغيظ وتحتمل جهل الجاهل فقال له إني آثرت حلمي وكظمت غيظي واحتملت جهلك خلواً عنه فولي الرجل وهو يقول

تسوّد أقوام وليسوا بسادة ... بل السيد المعروف سلم بن نوفل

وحكى أن عبد الملك بن مروان نقم على رجل ذنباً فهرب منه فلما ظفر به هم بقتله فقال له الرجل إن الله قد فعل ما أحببت من الظفر فافعل ما يحبه من العفو فإن الانتقام عدل والتجاوز فضل والله يحب المحسنين فعفا عنه وأساء بعض جلسائه عليه الأدب فاطرحه وجفاه ثم دعاه بعد أيام لأمر عن له فرآه شاحب اللون نحيلاً فقال له متى اعتللت فقال ما مسني سقم ولكنني جفوت

<<  <   >  >>