للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرباب الحقوق يدخلون عليه السجن يضربونه والقيح ينضح من ظهره على الأرض والحائط فلما لم يبق أحد من ذوي الحقوق أمر أن يرسل عليه الجعلان فكانت تدب عليه فتنقب لحمه وهو معقول لا يستطيع حركة حتى مات فدخل الموكل به على عبد الله وفي يده عس لين يريد أن يسخر به وهو يبكي قال له أمات قال نعم قال أبعده ثم تناول العس فشرب ما فيه وقال لا تغسلوه ولا تكفنوه وادفنوه في مقابر المشركين فدفن بها وكان الحجاج شديد الوطأة على الجناة ذكر أهل التاريخ أنه لما مات أحصى من قتل صبرا سوى من قتل في حروبه وسراياه فوجدوا مائة ألف وعشرين ألفاً ومات في حبسه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة منهن ست آلاف مخدرات وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد ولم يكن لحبسه سقف يقيهم الحر والبرد وكان الحراس يحصبونهم إذا استظلوا من وهج الشمس وزمهرير البرد ولما أخرجوا بعد موته كان فيهم أعرابي فقيل له كم كان لك في السجن قال اثنتا عشرة سنة قيل له فما ذنبك قال بلت في ربض واسط ولما أطلق جعل يعدو وهو يقول

إذا نحن جاوزنا مدينة واسط ... خرينا وبلنا لا نخاف عقابا

وذكر أهل التاريخ أيضاً إنه ركب يوم جمعة يريد الجامع فسمع ضجة عظيمة فقال ما هذا قالوا أهل السجن يشكون ما هم فيه فالتفت إلى ناحيتهم وقال اخسؤا فيها ولا تكلمون فيقال إنه مات في تلك الجمعة بواسط سنة خمس وتسعين وهو ابن أربع وخمسين سنة وآخر كلام سمع منه اللهم اغفر لي فإن عبادك يظنون أن لا تفعل وكانت مدة امرته على الناس عشرين سنة وفي الشهر الذي مات فيه ولد أبو جعفر المنصور وولي الخلافة في ذي الحجة أيضاً سنة ست وثلاثين ومائة ومات في الشهر المذكور سنة ثمان وخمسين فكانت مدة خلافته اثنتين وعشرين سنة إلا سبعة أيام ولما التقى مصعب بن الزبير بالمختار ابن أبي عبيد الثقفي هزمه وأسر من عسكره ستة آلاف وثمانمائة رجل فقتلهم صبراً بين يديه في يوم واحد وهو ينظر إليهم وكانوا ألفاً وثمانمائة من أشراف العرب وخمسة آلاف من الموالي وكان أبو مسلم الخراساني ممن حذاه في الفعل حذو النعل بالنعل أحصى من قتل فكان

<<  <   >  >>