للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عمرو بن هند من أشد ملوك العرب بأساً وأسوأهم قدرة وأعظمهم جراءة يذكر عنه أنه لما قتلت بنو تميم أخاه مسعد أغضب وآلى على نفسه أنه متى ظفر بهم قتل رجالهم وسبي حريهم فلما ظفر بهم أحمى لهم الصفا ومشى عليه من رجالهم من بلغ أجله فأتى بشاب ليمشي عليه كما فعل أصحابه وأقبلت أمه معه فلما رأت الصفا وشدة وهجه قطعت ثدييها ورمت بهما على الصفا وقالت يا بني ق بثديي قدمك وأقلل بوطئهما ألمك ثم أنشدت

ابني لو قبل الفداء لجدت بال ... كبد التي أضحت عليك تقطع

يا ليت حرّ النار باشر مهجتي ... أوليت خدي فوق خدك يلذع

فرق لها عمرو وأمر باطلاق ولدها واطلاق من بقي من قومها وروى ابن الكلبي عن أبيه قال أول من خرج من الحرم بعض اياد وتغلب وانتشروا في أرض نجد فبعث إليهم الملك زيد بن برعش فغزاهم فأبلى فيهم وأسرو سبي فلما قدم على الملك عرض الأسرى على السيف فقرب شاباً من أياد ليقتل فأقبلت أم وهي تقول

يا أيها الملك المغيث القاهر ... الحلم يلزم حين يعفو القادر

هذا عبيدك مسلم بجريرة ... بادي الضراعة أو منيق عاثر

إن تسط تسط محكماً أو تعفون ... فالذنب يغفره المليك الغافر

لاذوا بعفوك من عقابك بعدما ... جردت لها منظومة وخناجر

فاصرف إلى الابقاء عزمك فيهم ... طولاً فليس لهم مجير ناصر

فرق لها الملك وقال لها لك ما لاثه خمارك منهم فأقبلت تخط خمارها شققاً وتصل بعضها ببعض حتى ضم طرفاه مائة رجل أو أكثر فاستضحك الملك وأمر باطلاقهم وقتل الباقين ومن الحقد المستبشع والتشفي المستشنع ما ذكره ابن حمدون في تذكرته عن عبد الله بن الزبير حين ظفر بأخيه عمرو وكان يشايع بني أمية وهدم دور قوم بالمدينة في هواهم فلما ولي أخوه عبد الله الخلافة أخذه وأقامه للناس ليقتصوا منه فبالغ كل ذي حقد عليه في الاقتصاص وكان عبد الله لا يسأل أحداً ادعى عليه شيأً بينة ولا حجة وكان

<<  <   >  >>