للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بلى واستقصيت أبا بردة من أبي موسى وهو فقيه ابن فقيه فجعلتك وزيره وكاتبه وأمرته أن لا يقطع أمراً دونك قال بلى قال وأوفدت وفداً إلى أمير المؤمنين فجعلتك مثلهم ولا يوفد مثلك فاستعفيتني فأعفيتك وذلك كله بغير غضب من الحجاج ثم قال فما أخرجك علي قال كانت لابن الأشعث في عنقي بيعة فاستوى جالساً وقال يا عدو الله فبيعة أمير المؤمنين كانت في عنقك قبل بيعة عبد الرحمن يا حرسي اضرب عنقه فلما ضربت عنقه التبس على الحجاج عقله مكانه فجعل يقول قيوديا قيوديا فظنوا أنه يطلب القيود التي على سعيد فقطعوا رجليه من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود وقد أورد القصاص هذه الحكاية على غير هذا النمط والصحيح هو هذا والله أعلم ايقاع الرشيد بالبرامكة لما ولي الرشيد الخلافة قال ليحيى بن خالد يا أبت قد قلدتك أمر الرعية وأخرجته من عنقي إليك فاحكم بما ترى واستعمل من رأيت وافرض لمن رأيت وأقطع من رأيت فإني غير ناظر معك في شيء ثم ولي في سنة ست وسبعين ومائة جعفر بن يحيى المغرب كله من الأنبار إلى أقصى بلاد أفريقية وولي الفضل المشرق كله من النهروان إلى أقصى بلاد الترك وكان يحيى يميل إلى الفضل والرشيد يميل إلى جعفر فكان يقول ليحيى أنت للفضل وأنا لجعفر وكان الرشيد يسمي جعفراً بأخيه ويدخله معه في ثوبه ولما وقع من جعفر الذنب لم يحتمله الرشيد ولا قدر على الاغضاء عنه وجعل يتردد في أعمال الحيلة على البرامكة ولا يرى منهم ذنباً ظاهراً بيناً يقتلهم به حتى لا يتوجه عليه لوم من الناس في قتلهم لما كان بينه وبينهم من اتحاد الود فتكلم الرشيد يوماً بكلمة نزع فيها جلساؤه كل منزع منهم من يحكي في نوعها حكاية ومنهم من ينشد شعراً فأنشد بعضهم أبياتاً في غير المعنى الذي هم بصدده فكان سبباً لامضاء عزمه في الايقاع بهم يقول فيها

ليت هنداً أنجزتنا ما تعد ... وشفت أنفسنا مما نجد

واستبدت مرّة واحدة ... إنما العاجز من لا يستبد

فاستعاد الرشيد الأبيات مرات فكان ذلك محرضاً له على الايقاع بهم وكان عندما تغير عليهم صرف الفضل عما كان بيده من ولاية الشرق أولاً فأولا من

<<  <   >  >>