للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة ثمانين إلى سنة ثلاث وثمانين ولم يزل جعفر مع الرشيد على الحالة المرضية إلى أن ركب في يوم الجمعة مستهل صفر سنة تسع وثمانين إلى الصيد وجعفر معه يسايره خالياً به وانصرف متمسياً إلى القصر الذي كان ينزله بالأنبار فلما وصل إليه ضمه واعتنقه وقال لولا إني أريد الجلوس الليلة مع النساء لما فارقتك وسار جعفر إلى منزله وواصله الرشيد بالألطاف إلى وجه السحر فبعث إليه مسروراً الخادم ومعه سالم وابن عصمة فهجموا عليه وأخذه مسرور وضرب عنقه ولقي الرشيد برأسه فانفذ الرشيد جثته إلى بغداد وقطعت نصفين وصلبا على الجسرين ولما انصرف الرشيد من الرقة سنة تسع وثمانين إلى بغداد مر بالجسر فرأى جثة جعفر فقال لئن مضى أثرك لقد بقي خبرك ولئن حط قدرك لقد علا ذكرك ثم أمر بها فأحرقت ولما قتل الرشيد جعفراً رحل إلى الرقة وحمل معه يحيى وولده الفضل فحبسهما فيها بعد أن ضرب الفضل مائتي سوط ولم يجد ليحيى إلا خمسة آلاف دينار وللفضل إلا أربعين ألف درهم ولم يجد لجعفر ولا لأخيه موسى شيأً ووجد لمحمد بن يحيى سبعمائة ألف درهم ويقال إنه وجد لجعفر في قصره سركة فيها أربعة آلاف دينار وزن كل دينار مائة دينار مكتوب على أحد جانبي الدينار

وأصفر من ضرب دار الملوك ... يلوح على وجهه جعفرا

وعلى الوجه الآخر

يزيد على مائة واحداً ... إذا ناله معسر تيسرا

ولما أوقع الرشيد بالبرامكة وقتل جعفراً وحبس يحيى أباه والفضل أخاه كتب يحيى إليه من السجن من عبد أسلمته ذنوبه وأوبقته عيوبه وخذله رفيقه ورفضه صديقه فحل في الضيق بعد السعة وعالج البؤس بعد الدعة فساعته شهر وليلته دهر قد عاين الموت وقارب الفوت فتذكر يا أمير المؤمنين كبر سني وضعف قوتي وارحم شيبتي وهب لي رضاك بعفو ذنب إن كان فإن من مثلي الزلل ومن مثلك الاقالة وليس أعتذر إلا باقراري حتى ترضى عني فإن رضيت رجوت أن يظهر لك من عذري وبراءة ساحتي ما لا يتعاظمك ما مننت به علي من رأفتك ورحمتك زاد الله في عمرك وجعل يومي قبل يومك

<<  <   >  >>