للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتركها فلما خرج شريح من عنده لامه الناس فقال إنه قد استشارني والمستشار مؤتمن ولولا أمانة المشورة لوددت إن الله قطع يده يوماً ورجله يوماً وسائر أعضائه يوماً يوماً وزاره شريح بعد ذلك فلما خرج من عنده قال له مسروق كيف تركت الأمير قال تركته يأمر وينهي فأول قوله فإذا هو يأمر بالوصية وينهي عن البكاء عليه ومات من تلك سنة ثلاث وخمسين في رمضان وكان مولده عام الهجرة ودفن في أرض الكوفة وسنأتي على نتف من مولده ونسبه فيما يلي هذا الفصل إن شاء الله تعالى ومن المفرطين في العسف والعنف يوسف ابن عمر الثقفي قلده هشام بن عبد الملك العراق وكان شيطاناً مريداً وجباراً عنيداً سفاكاً للدماء معروفاً بالظلم والغشم ولما قلده أمره بالقبض على خالد بن عبد الله القسري فسار إليه حتى هجم عليه وهو في قصره على حين غفلة من أمره فأخذه ثم رقى المنبر وقال يا أهل العراق إن الحجاج كان دخاناً أنا ناره ولهباً أنا شراره فعليكم بالطاعة العائدة بجزيل الثواب وإياكم والمخالفة الموجبة لوشك العقاب وقد أعذر من أنذر ثم نزل يحكي عنه أنه دخل دار الضرب فعاير درهماً فوجده ناقصاً حبة فضرب فيها الأمناء والصناع عشرة آلاف سوط وكان الفضل بن مراون وزير المعتصم ظالماً غاشماً متبحجاً بالظلم متجبراً متكبراً كان المعتصم يقول الفضل بن مروان أسخط الله وأرضاني فسلطني الله عليه دخل عليه الهيثم بن فراس الشاعر متظلماً من بعض عماله فصرف وجهه عنه ولوى عطفه فخرج من عنده وهو ينشد

تجبرت يا فضل بن مروان فانتظر ... فقبلك كان الفضل والفضل والفضل

ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم ... أبادهم التغيير والموت والقتل

فإن تك قد أصبحت في الناس ظالماً ... ستودي كما أودى الثلاثة من قبل

فلما سمع الفضل أبياته قال ما الذي عنى بقوله فقيل إنه أراد الفضل بن يحيى والفضل بن سهل والفضل بن الربيع فتغير وجهه ولم يلبث إلا أياماً يسيرة حتى قبض عليه وفيه يقول بعض الشعراء من أبيات هي قوافيها على ألفاظ الفضل المتفقة مبانيها المختلفة معانيها ولقد أبدع وأجاد

<<  <   >  >>