للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب الخطأ في سوء الرعي]

قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا قولهم: أساء رعياً فسقى.

قال: يضرب للرجل لا يحكم الأمر، ثم يريد إصلاحه بسوء التدبير فيزيده فساداً. قال: واصله أن يسيء الراعي رعي الإبل نهاره كله، حتى إذا أراد أن يريحها إلى أهلها كره أن يظهر سوء أثره فيها فيسقيها الماء لتمتلئ منه أجوافها. وقال أبو عبيدة في مثل هذا: رعى فأقصب.

قال: وذلك أنّه أساء رعيها ولم يشبعها من الكلأ فتركت شرب الماء فلم تشرب، لأنها إنما تشرب على علف في أجوافها. يقال من ذلك: بعير قاصب، إذا امتنع من الورد، ورجل مقصب، إذا فعلت إبله ذلك. وقال أبو عبيدة في نحو هذا: أبعد خيرتها تحتفظ! واصله أن يضيع الراعي خيار الإبل وكرائمها، حتى إذا ذهبت احتفظ بحواشيها وخساسها.

قال أبو عبيد: ومن سوء تدبيرها أيضاً فعل هبنقة القيسي، وكان أهله أعطوه إبلاً يرعاها، فجعل يتعهد المنقيات منها، ويستهين بهزلاها، فقيل له: هذه كانت أولى بالرعي، فقال: أكرمت ما أكرم الله منها، وأهنت ما أهان، أي إنَّ ذوات الشحوم هي التي أكرمها الله، وإنَّ العجاف هي التي أهانها الله. قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في سوء الرعي قولهم:

<<  <   >  >>