للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلب فيها يكون أكثر إقبالًا على الله، وابعد عن الشواغل، ولما كان وقت الليل والتهجد فيه أفضل أوقات التطوع بالصلاة، فيها يكون العبد قريبًا من ربه، فيها تفتح أبواب السماء ويستجاب فيها الدعاء، فينبغي عليك أن تواظب عليها خلال شهر رمضان.

قال الأزدي: سمعت الخَوَّاص يقول: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.

ولكن لا ينهض إلى قيام الليل إلا أهل المجاهدة والمغالبة وأولو العزم، فالنهوض إلى الله في هذه الساعات أشد وطئًا على النفس وأثقل من النهوض إليه بغيرها؛ ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة وسمات النفوس الكبيرة، فعلينا أن نُدْخِل هذا في حسابنا ولا نغفل عنه؛ حتى لا تخدعك نفسك وتضيِّع عليك عملًا من أفضل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله - عز وجل- في هذا الشهر وغيره، وإنما تفاوت القوم بالهمم لا بالصور، ومن تلمح حلاوة العاقبة هان عليه مرارة الصبر.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقربُ ما يكون العبد من الرب في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن" (١).

وصف المتهجدين وليلهم:

في وصف ليلة واحدة من ليالي أهل القرب والصفاء أهل السبق والنقاء أهل الله المخلصين:

يقول ابن القيم -عليه رحمة الله: "أما السابقون المقربون فنستغفر الله


(١) أخرجه الترمذي (٣٥٧٩)، وصححه الألباني (٢٠٥٣) في "صحيح الجامع".

<<  <   >  >>