للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوجدت رجلًا كبير السنن يرتدي ملابس الإحرام ويجلس على الأرض فقالوا: هذا الرجل طاف ثلاثة أشواط فقط من طواف العمرة ولا يريد أن يكمل الطواف، فقلت له: لماذا يا حاج؟، هل أديت العمرة؟، قال: لا، قلت: فلابد أن تطوف سبعة أشواط، فقال: لقد تعبت، قلت: إذا نأتيك بكرسي متحرك لتكمل عليه الطواف، فقال: لماذا، وهل أنا مقعد مشلول؟!

فقلت: لا عليك، استرح قليلًا، نم ساعة أو ساعتين في الفندق ثم تعال اعمل عمرة من البداية مرة أخرى، أو تكمل الطواف بعد أن تستريح الآن، يمكن أن تستريح ثلث ساعة ومادام الفاصل لم يطل أكمل الطواف وليس ثمة مشكلة، هيا أكمل أربعة أشواط أخرج؛ فقال: لا، يكفي ذلك!، قلت: إذًا ارجع ولكن احتفظ بثياب الإحرام ثم تعال غدا لتؤدي العمرة، فقال: لا، لقد مللت من هذه الثياب وسوف أخلعها!، عندئذ شعرت أني سأجن .. ماذا حدث؟!، كم من ملايين الناس يتمنون المجيء إلى هنا ولا يستطيعون، وهذا يأتي أمام الكعبة ولا يريد إكمال العمرة!!.

ولما جلست وحدي أخذت أفكر في هذا، فللَّه الحجة البالغة، قلت: هذا من باب إقامة حجة الرب على العبد؛ لأن العبد يظل يقول: يا رب أريد أن أعتمر .. أتمنى عمرة .. لو أديت العمرة فسوف أهتدي وسوف تتحسن أحوالي، وحتى لا يأتي يوم القيامة ويقول: يا رب لو وفقتني لعمرة لاهتديت، فيقول الله له بهذه المواقف: بل هأنذا أعطيك عمرة، وأتيت بك حتى وصلت إلى بيتي، ولكنك لم تهتد ولم تتحسن، فيكون وجود الكعبة وذهابك إلى هناك وأدائك للعمرة من باب إقامة الحجة عليك أو لك.

<<  <   >  >>