لذلك نقول: أكثِر من الاستغفار في نهاية صيامك، استغفر الله كثيرًا ترتق ما انفتق من صيامك.
كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه، سبحان الله!، إذا كان هذا حال السلف الذين أحسنوا عبادتهم وأتقنوها وأخلصوا فيها، فكيف حال المسيئين مثلنا في عباداتهم!!
وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه إلى الأمصار بمناسبة آخر رمضان: قولوا كما قال أبوكم آدم: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف: ٢٣]، وقولوا كما قال نوح عليه السلام:{وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[هود: ٤٧]، وقولوا كما قال موسى - عليه السلام -: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}[القصص: ١٦]، وقولوا كما قال ذو النون -عليه السلام -: {لًا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء: ٨٧].
ويروى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: الغيبة تخرق الصيام والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجيء بصوم مرقع فليفعل.
وعن ابن المنكدر قال: الصيام جُنَّةٌ من النار ما لم يخرقها، والكلام السئ يخرق هذه الجُنَّة، والاستغفار يرقع ما تخرَّقَ منها.
فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفارٍ نافع، وعمل صالح له شافع، كم نخرق صيامنا بسهام الكلام، ثم نرقعه وقد اتسع الخَرْق على الراقع، كم نرفو خروقه بمخيط الحسنات ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع.
يا رب، ارحم من حسناته كلها سيئات، وطاعاته كلها غفلات. وقريب من هذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها - في ليلة القدر بسؤال العفو؛ فإن المؤمن يجتهد في شهر رمضان في صيامه وقيامه، فإذا قرب فراغه وصادف ليلة القدر لم يسأل الله تعالى إلا العفو كالمسيء المقصر.