كان صِلَةُ بنُ أَشيَم يُحيي الليل ثم يقول في دعائه عند السحر: اللَّهم إني أسألك أن تجيرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة؟!
أنفع الاستغفار ما قارنته التوبة وهي حل عقدة الإصرار، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر؛ فمردود، وباب القَبول عنه مسدود، قال كعب: من صام رمضان وهو يحدِّث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان أنه لا يعصي الله؛ دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب، ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر بعد رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود.
عباد الله .. شهر رمضان قد أوشك على الانتهاء، فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف، من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عَرَف، من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبنيَ له فيها غرفًا من فوقها غرف، ألا إن شهركم قد أخذ في النقص؛ فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد إنصرف، فكل شهر عسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف؟!!
ثالثًا: سؤال الله العفو، والتركيز على هذا السؤال، والانشغال بذلك: قالت عائشة - رضي الله عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال:"قولي اللَّهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"(١).
العفوُّ من أسماء الله تعالى، وهو يتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يحب العفو فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه
(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٧١)، وصححه الألباني (٣٣٣٧) في "الصحيحة".