للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتقدمين السابقين، وطبقوا قواعد هذا العلم عند إرادة التوثق من صحة النقل في أي شيء يرجع فيه إلى النقل)) (١).

وما تأثير منهج المحدثين على أبي العلاء وتلميذه التبريزي ببعيد، فأبو العلاء توفي في منتصف القرن الخامس الهجري تقريبا (٤٤٩هـ) والتبريزي في بداية القرن السادس (٥١٢هـ) وهي فترة متأخرة عن بدايات الكتابة في الحديث النبوي التي بدأت على يد الإمام الشافعي (٢٠٤هـ) في كتابه الرسالة، ثم جمع الترمذي (٢٧٩هـ) بعض بحوث هذا العلم في خاتمة جامعه، ثم وضع كتاب مستقل في علم أصول الحديث على يد القاضي أبو محمد الرامهرمزي المتوفى ٣٦٠هـ (٢).

وإذا ضممنا إلى ما سبق ما أثبتناه في ترجمة أبي العلاء والتبريزي من سماعهما للحديث وروايتهما له تأكد لدينا هذا التأثر.

ويزداد تأكدنا من تأثرهما بمنهج المحدثين من خلال شرحهما، فأولى الخطوات التي قام بها أبوالعلاء في شرحه هي ((توثيق الرواية))، الذي يتمثل في ذكر أبي العلاء للروايات المختلفة للبيت قيد الشرح، والتنبيه على الضعيف

منها (٣)،

والاعتماد في الرواية على الثقات والمقابلة بين المرويات، فلم يكن أبوالعلاء يكتفي بشرح البيت فقط، بل يقوم بذكر هذه الروايات المختلفة، ويحاول أن يجمع بين هذه الروايات في الشرح طالما أن المعنى العام والسياق يسمحان بذلك.

ويمكن أن نقسم هذه الروايات إلى الأقسام الآتية:

١) رواية فردية: أي ذكر رواية أخرى للفظة واحدة في البيت.


(١) الباعث الحثيث: ص٧
(٢) د. أحمد عمر هاشم: قواعد أصول الحديث، ص٧، بدون بيانات أخري، ١٩٨٨م
(٣) قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
مُر دَهرَهُ بِالكَفِّ عَن جَنَباتِهِ ... فَالدَّهرُ يَفعَلُ صاغِرًا ما تامُرُه [بحر الكامل]

((من روى: ((مُرْ دهره بالبُعْد)) أو ((بالسحق)) فهي رواية ضعيفة)) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ٢١٢].

<<  <   >  >>