للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((.. إن ضممت الميم من ((مُنًى)) فهوجمع: مُنْية، والمعنى يصح على ذلك، وإن رويته: ((مَنًى)) فهو حسن، من قولهم: أصابه مَنًى؛ أي: مقدار؛ أي: غدت بطون مِنًى مقدرة لسيبه؛ أي: عطائه، ويحتمل أن يكون من قولهم: دارى بِمَنَى داره؛ أي: بحذائها)) (١).

ـ وقال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:

رَأَوا مِنهُ لَيثًا فَابذَعَرَّت حُماتُهُم ... وَقَد حَكَمَت فيهِ حُماةُ العَوامِلِ [بحر الطويل]

((و ((حُماتُهُم)): جمع حام، أي الذي يحميهم، و ((حُماةُ العَوامِلِ)) يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون جمع حام مثل الأول، كأنه جعل العوامل تحمى، والآخر أن يكون جمع: حُمَة، يراد بها: السَّمُّ وسورته، وهذا أشبه بمذهب الطائي من الوجه الأول، والوقف في هذا القول على التاء؛ لأنها مثل تاء ثُبات، والوقف في الوجه الأول على الهاء؛ لأنها مثل قضاة، إلا على رأي من قال رحمت ونعمت في الوقف على رحمة ونعمة)) (٢).

ويبدو أن أبا العلاء هنا متأثر بشدة بما قاله ابن جني في ((باب في تداخل الأصول الثلاثية والرباعية والخماسية)) حيث أوضح في هذا الباب خطورة تداخل أصول الكلمات وأثر ذلك على المعنى، وأعطى مثالا على ذلك من أقوال أبي تمام نفسه فقال: ((وعليه قال الطائي الكبير:

أَلَحدٌ حَوى حَيَّةَ المُلحِدينَ ... وَلَدنُ ثَرىً حالَ دونَ الثَّراءِ [بحر المتقارب]

(...) فجاء به مجيء التجنيس , وليس على الحقيقة تجنيسًا صحيحًا. وذلك أن التجنيس عندهم أن يتفق اللفظان ويختلف أو يتقارب المعنيان؛ كالعقل والمعقل والعقلة والعقيلة ومعقلة. وعلى ذلك وضع أهل اللغة كتب الأجناس. وليس الثرى من لفظ


(١) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [١/ ١١ب٤].
(٢) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٣/ ٨٢ ـ٨٣ب١٨]. وينظر أيضا المواضع الآتية: [١/ ١٢٩]، [١/ ٣٠٣، ب١٧]، [١/ ٣٦٧، ب٣٨]، [١/ ٣٨١ ـ٣٨٢، ب٤٨]، [١/ ٦٠ ـ٦١]، [٢/ ٣١٤، ب١٨]، [٢/ ٤١٢، ب١١]، [٢/ ٤٦٣، ب٢٠]، [٣/ ١٢٣ ـ١٢٤، ب٣٥].

<<  <   >  >>