للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المظهر الثاني من مظاهر التطور الدلالي ـ وهومظهر الانتقال ـ فيتمثل في تنبيه أبي العلاء على استعارات أبي تمام سواء التي تفرد بها أوالتي اتفق فيها مع غيره من الشعراء.

والانتقال الدلالي ـ كما سبق وأن أشرت ـ يتضمن طرائق شتى يطلق عليها النحاة أسماء اصطلاحية: المجاز المرسل والاستعارة. فالمجاز هو: ((اسم لما أريد به غير ما وضع له لمناسبة بينهما ... والمجاز إما مرسل، أواستعارة؛ لأن العلاقة المصححة له إما أن تكون مشابهة المنقول إليه بالمنقول عنه في شيء، وإما أن تكون غيرها، فإن كان الأول يسمى المجاز: استعارة)) (١). وهوأيضًا: ((ما جاوز وتعدى عن محله الموضوع له إلى غيره لمناسبة بينهما، وإما من حيث الصورة، أومن حيث المعنى اللازم المشهور، أومن حيث القرب والمجاورة)) (٢).

وباعتبار أن المجاز المرسل والاستعارة نوعان من التطور الدلالي نجد أن أبا العلاء كان متنبها لهذا الأمر ومنبِّها عليه في مواضع كثيرة في شرحه قولا وتطبيقا، أما القول فقوله: ((.. يستعار ما هوللشيء المقارب غيره؛ فينقل إلى ما قاربه)) (٣).

أما التطبيق فيظهر في ستة وخمسين موضعا، منها اثنا عشر موضعا نص أبوالعلاء فيها على تفرد أبي تمام بهذه الاستعارات، وفيما يلي أمثلة لبعض الانفرادات الاستعارية عند أبي تمام:

ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:

مَنَعَ الزِّيارَةَ وَالوِصالَ سَحائِبٌ ... شُمُّ الغَوارِبِ جَأبَةُ الأَكتافِ [بحر الكامل]


(١) التعريفات: الجرجاني، ص ٢٥٧ ـ ٢٥٨، دار الريان. للتراث، تحقيق: إبراهيم الإبياري
(٢) التعريفات: الجرجاني، ص ٢٥٨ ـ ٢٥٩
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٣/ ٤٩ ب٢].

<<  <   >  >>