للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((بالغريب والنحو والمعاني لازمة لكل من الشعر والكلام العادي وأنها كافية في هذا الأخير، لكنها غير كافية بالنسبة للشعر؛ إذ يبقى هناك معرفة الجودة والرداءة)) (١).

أما القول الثاني فقول ابن خلدون حيث يرى ((أن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الوضعية مفردة ومركبة، والقوانين اللسانية في ذلك هي علوم النحو والتصريف والبيان)) (٢).

فهو لم يفرد النحو ولا التصريف بمسئولية الإبانة عن المعنى بل أشرك معهما البيان.

الملحوظة الثانية: أن المنهجين يكمل بعضهما بعضا، والهدف في النهاية الوصول إلى المعنى الصحيح للبيت، فإن كان أبوالعلاء أغفل ذكر غرض القصيدة وبحرها، فإن التبريزي كان حريصا أشد الحرص على هذين الأمرين، لأهميتها في فهم النص (٣).

الملحوظة الثالثة: العدد الإجمالي لأبيات أبي تمام: ٧٤٩٦ بيتًا، شرح منها أبوالعلاء ٨٣٠ بيتًا؛ أي: بنسبة ١١% من أبيات الديوان، أما التبريزي فقد شرح


(١) د. عبد الحكيم راضي: النقد اللغوي في التراث العربي: ص ٨٧، مجلة فصول، تراثنا النقدي ج٢
(٢) المقدمة: ٣/ ٩٦١، تحقيق د. علي عبد الواحد وافي، مكتبة الأسرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
(٣) وقد سبق أن أوضح البحث في موضع سابق (ص ١٧٥) أنه على امتداد مسيرة الشعر العربي منذ العصر الجاهلي حتى زمن الحداثة الشعرية العربية المعاصرة، كان الموضوع أوالغرض الشعري حاضرا في القصيدة جنبا إلى جنب مع شكلها، وكان حضورا واضحًا متحددًا في ذاته من ناحية، وحضورا يشكل سياقا تُفْهم أفكار القصيدة ومعانيها في ضوئه من ناحية أخرى؛ أي إن الحضور الموضوعي في القصيدة كان ينهض بوظيفتين مزدوجتين: إحداهما ذاتية، هي وضوح الفكرة العامة للقصيدة، والأخرى سياقية هي تحديد مفردات المعنى الشعري. ينظر: د. عبد الرحمن محمد القعود: الإبهام في شعر الحداثة، ص ١٧٧ـ ١٧٨

<<  <   >  >>