للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبدو أن مضمون هذا المقولة كان مسيطرًا تماما على أبي العلاء؛ فنجد من أقواله ما يفيد إمرة الشعراء للكلام وتصرفهم فيه وما يفيد أيضا أن للشعر خصائصه العامة، وصنعته المستقلة (١)، وأن لكل شاعر خصائص أسلوبية معينة (٢).

وانطلاقا من هذا الكلام نقول: إن أبا العلاء كان لا يخطِّئ أبا تمام في

((انحرافاته)) أو ((عدولاته)) أو ((خروجاته)) الأسلوبية. ودائما يحاول أن يلتمس له مخرجا من السماع (٣) فإن لم يجد فمن القياس؛ فإن لم يجد فاستعارة (٤) يحملها عليها؛


(١) يُنْظَر [٣/ ٤٠ب٢٧]، [٤/ ٥٦٤ب٥]، وقال أبوالعلاء في بعض المواضع: ((ويقال إنه كان مع أبي تمام غلام يقال له: علاثة، فيجوز مثل ذلك. وقد يحتمل أن يفتعل الشاعر أسماء لغير موجودين؛ فيستعين بها في القافية وحشوالبيت)). [١/ ٣١١ب١]، وقال أيضا عند قول أبي تمام:
وَظِلالِهِنَّ المُشرِقاتِ بِخُرَّدٍ ... بيضٍ كَواعِبَ غامِضاتِ الأَكعُبِ [بحر الكامل]
((جعل الظِّلال مشرقات؛ وإنما الإشراق للشموس، وهذا من صنعة الشعر؛ لأنه وصف الظلال بما توصف به الشموس)) [١/ ٩٤ب٤].
(٢) قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
إِحدى بَني بَكرِ بنِ عَبدِ مَناهِ ... بَينَ الكَثيبِ الفَردِ فَالأَمواهِ [بحر الكامل]
((ولوقال قائل: إنه سماهم بني عبد مناه بهاء أصلية؛ أخذه من: ناه ينوه؛ إذا انتشر ذكره؛ لكان ذلك وجها قويا، وهوأحسن ما يحمل عليه البيت؛ لأن الشعراء يسمح لهم بتغيير الأسماء إلى ما قاربها، كقولهم في ثابت ثَبات، وفي جَمْش جَمُوش)) [٣/ ٣٤٤ـ ٣٤٥ب١].
تراجع جزئية: قرينة أسلوب الشاعر، وقرينة صنعة الشعر.
(٣) حتى ولوكان هذا السماع مجرد اتباع شاعر آخر في لفظة واحدة:
قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:
بدور قُيولٌ لَم تَزَل كُلُّ حَلبَةٍ ... تَمَزَّقُ مِنهُم عَن أَغَرَّ مُحَنَّبِ [بحر الطويل]
((ويروى: ((ذَوونَ قُيولٌ))، وهوجمع قولك: ذومَرْحَب، وذوجَدَن، وذويَزَن، وذلك في حمير كثير، وهم الأذواء، وقلما يقولون الذَّوون، وإنما تبع الطائي في ذلك الكُمَيت؛ لأنه قال:
وَمَا أعنِي بِذلك أَسفَليكُم ... وَلَكِنِّي عَنيْتُ بِهِ الذَّوينَا [بحر الوافر]
)) [ديوان أبي تمام:١/ ١٥٤، ب٢٥]، وينظر أيضا في نفس الجزئية: [١/ ٢٥٦ب٤٧]، [٣/ ٥٩ب١]، كما تراجع جزئية: السماع عند أبي العلاء.
(٤) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ٢٢٧ب١٥]، [٢/ ٢٥٧ب٨].

<<  <   >  >>