[المبحث الخامس: قبول الأحكام من غير الله شرك في الألوهية والربوبية]
ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ). [الأنعام، آية: ١٢١].
قال الطبري: وأما قوله "إنكم لمشركون" يعني إنكم: إذاً مثلهم، إذ كان هؤلاء يأكلون الميتة استحلالاً فإذا أنتم أكلتموها كذلك فقد صرتم مثلهم مشركين اهـ.
وقال القرطبي: فدلت الآية على أن من استحل شيئاً مما حرمه الله صار به مشركاً وقد حرم الله -سبحانه- الميتة نصاً. فإذا قبل تحليلها من غيره فقد أشرك. قال ابن العربي: إنما يكون المؤمن بطاعة المشرك مشركاً: إذا أطاعه في الاعتقاد فإن أطاعه في الفعل وعقده سليم مستمر على التوحيد والتصديق فهو عاص فافهموه. ا. هـ.
وقال ابن كثير وقوله تعالى: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ). أي: حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره فقد متم عليه غيره فهذا هو الشرك كما قال تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ). ا. هـ.
قلت: ومن المعلوم أن الشرك هو: اتخاذ إله مع الله وفي هذه الآية لما كان مصدر الاستحلال قبول حكم غير حكم الله أصبح الفاعل مشركاً وقبول حكم غير حكم الله في أية مسألة من المسائل شرك في ألوهية الله لأن الإله: هو الذي يطاع فلا يعصى فيجب أن يفرد المولى -سبحانه- بالطاعة والقبول والولاية.
قال تعالى: (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف: ٣].
قال البغوي: أي: لا تتخذوا غيره أولياء تطيعونهم في معصية الله -تعالى-. ا. هـ.
وقال القرطبي: الثانية- ... والمعنى: لا تعبدوا معه غيره ولا تتخذوا من عدل عن دين الله ولياً. وكل من رضي مذهباً فأهل ذلك المذهب أولياؤه. ا. هـ.
وقال ابن كثير: (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ). أي: اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل من رب كل شيء ومليكه (وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء). أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره. ا. هـ.
قلت: هذا هو المقصود بالانقياد وقبول الأحكام أي: يعتقد ويقبل بشمول حاكمية الله